لو أخذنا مثالاً آخر وهو: القضية الفلسطينية التي تعد مثالاً صارخاً لتجاهل قرارات الأمم المتحدة، وأذكر فقط أنه في خلال عشر سنوات صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة نحو ثمانية وستين ومائة قرار في شأن قضية فلسطين، وصدر من مجلس الأمن في هذه الفترة التي تنتهي بعام (١٩٧٤م) سبعين قراراً، وصدرت تسعة قرارات من مجلس الوصايا، وصدرت أكثر من خمسة عشر قراراً من لجان حقوق الإنسان، وقرار من المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، وقرار من اللجنة الخاصة بحقوق المرأة، وكل هذه القرارات تبخرت وذهبت أدراج الرياح.
نلاحظ في قرارات مجلس الأمن أيضاً أن الضغوط التي تمارسها القوى الكبرى لها أثر كبير في إقرار الأمور، وقلب الموازين، وعدم إحقاق الحق بالنسبة للمسلمين.
فهذا قرار التقسيم برقم (١٨١) إلى آخر القرارات التي ما تزال المطالبة بها مثل قرار (٢٤٢) هذا القرار ينص على أن على إسرائيل أن تنسحب عن أراض احتلت في النزاع الأخير، وهذا السطر الأول من القرار هو الذي يشرق الناس به الآن ويغربون، وكما ذكرت مذكرة الضمانات الأمريكية قبل بدء المفاوضات أن لكل دولة أن تفسر القرار بالتفسير الذي تراه مناسباً لها، وإسرائيل تفسر القرار بأنها انسحبت من سيناء وانتهى الأمر وقد تحقق هذا الغرض.
وأما الأرض مقابل السلام فقد قالت إسرائيل: السلام مقابل السلام وهذا يكفي.
في حرب (١٩٦٧م) في يوم (٥) يونيو، ومع ذلك ما استطاع مجلس الأمن أن ينعقد في نفس اليوم ولا في اليوم الثاني ليصدر قراراً حتى صدر قرار في آخر يوم (٦) يونيو، ثم في يوم (٧) صدر قرار آخر بوقف إطلاق النار، ثم في يوم (٩) صدر قرار ثالث بوقف إطلاق النار، وكلها تتحطم باستمرار إسرائيل وسياسة الأمر الواقع، تقدمت إسرائيل واحتلت سيناء واحتلت الضفة الغربية واحتلت الجولان، ثم بعد ذلك جاء التوقف وجاء حل النزاع، وجاءت المفاوضات والسنوات الطويلة سنة إثر سنة وقرار إثر قرار، وتبقى الأوضاع كما هي حتى الآن، وهذا يؤكد عدم وجود الفاعلية والواقعية.