الشق الثاني: ما يتعلق بإشراق الروحانية، وهو أيضاً باب واسع فيه مداخل ومزالق خطيرة جداً، فمن غلا فيه خرج عن حد الاعتدال والمشروع، فاستوجب كرد فعل من غيره أن ينكر أمره بالكلية ما صح منه وما بطل، وهذه هي المشكلة عندنا، كما يقال: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه.
إذا أخطأ شخص في جزء، كما لو أنه أخذ بستين في المائة من الصحيح وزاد عن الحد المشروع أربعين في المائة قلنا له: كل ما عندك خطأ بما فيه الصواب الثابت، وهذه هي النقطة الأساسية التي نحب أن نقف عندها.
لابد من مدخل لموضوع إشراق الروحانية في تصور القضية الأساسية في أمر الغيب، لابد من المعرفة أن الروح من أمر الله سبحانه وتعالى يخفى على البشر جملةً وتفصيلاً، ولذلك لما جاء سؤال اليهود للنبي عليه الصلاة والسلام عن الروح جاء الرد القرآني:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء:٨٥]، ليس هناك شيء مما يتعلق بالروح له صلة بالبشر أو بعلم بالبشر غير ما يرد عن الله سبحانه وتعالى مطلقاً.
فإذاً كل ما يتصل بالروح وصفاً أو غذاء أو مرضاً أو شفاء كله لابد أن يكون موقوفاً على المصدر الوحيد، عن الله سبحانه وتعالى وحياً قرآنياً وتبليغاً نبوياً من رسولنا صلى الله عليه وسلم.
الروح من جانب أنها سر ونفخة من الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا شرع في هذا الدين شرائع وعبادات تغذية وتهذيباً وعلاجاً لهذه الروح، لابد أن ندرك وأن نفهم هذا العطاء الرباني وهذا الغذاء الإيماني، وهذا الذي ينتج عنه الإشراق الروحاني.