إنها صور عجيبة أصبحت اليوم كأنما هي الأصل وغيرها هو الفرع، وكأنما صورة العلاقة بين الزوج والزوجة هي الخصام الدائم والنكد المستمر والمعارك حامية الوطيس؛ لأن الصورة الاجتماعية والإعلامية تقول للمرأة: حقوقك لا يغلبنك الزوج عليها، كوني قوية حتى لا يستضعفك.
وتقول للرجل: كن عسكرياً في سكنك، وكن قائداً أمام الجند، اضرب بيد من حديد، أقطم رقبة القط في ليلة العرس، وكأننا في ميدان معارك ولسنا في بيت مودة وسكن! قال عز وجل:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم:٢١]، فهل هذه الصور التي نسمعها وهذه الرسائل الإعلامية التي تبثها المسلسلات وتبثها الأفلام هي بيت مودة؟! وهل تمثل أمر الله عز وجل في قوله:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء:١٩]؟! وهل تمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يبغض مؤمن مؤمنة- إن ساءه منها خلق رضي منها آخر)؟! أم أنها تجعلنا كما قلت: نتلمس النقائص، ونبحث عن المعائب، ونمسك الأخطاء ونسجلها في القوائم؟! وإذا بالحياة ضرب من الجحيم، وصورة من العناء والمشقة التي لا هدوء معها ولا سكينة فيها.