الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، لا يعز من عاداه، ولا يذل من والاه، أحمده سبحانه وتعالى وهو الذي بيده كل شيء، وتنفذ مشيئته في كل شيء، ولا يعجزه في الأرض ولا في السماء شيء، له الحمد سبحانه وتعالى كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده سبحانه وتعالى، وأشهد أن نبينا وسيدنا وقائدنا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أرسله إلى الناس كافة أجمعين، وبعثه رحمة للعالمين، فهدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به قلوباً غلفاً، وأسمع به آذاناً صماً، وكثرنا به من بعد قلة، وأعزنا من بعد ذلة، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! رسائل تنديد، وصواعق تهديد، عزمت أن أرسلها منذ الجمعة الماضية إلى كل من يصد عن دين الله، ويحارب دين الله، ويؤذي عباد الله، وينتهك حرمات الله، ويعتدي على محارم الله؛ فإنه لا شك معرض نفسه في دنياه قبل أخراه لأوخم النتائج، وأعظم المصائب، وشر ما ينتظر المرء في دنيا أو في أخرى؛ ذلك أن أوضاع أمتنا اليوم قد صار فيها كثير من أبناء جلدتنا، وممن لهم الأمر في أمتنا، يقومون تحت حجة محاربة الإرهاب بمحاربة الإسلام، وزاد الطين بلة تلك الجرائم المتزايدة، والفظائع المتعاظمة، والإرهاب المتواصل الذي تجددت أحداثه في أرض العراق على أيدي المحتلين الأمريكيين المجرمين، حتى أصبح المرء لا يدري عن أي شيء يتحدث! هل سمعتم غضبة عمرية أو صيحة مضرية؟! إنني لم أسمع من الدول الإسلامية والعربية حتى التنديد الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، والأمم المتحدة، والعصب المفترقة، لم يكن لها حتى مجرد وقفة لتقول: إن هذا لا يتفق مع ما تقول به من حقوق الإنسان أو الحيوان.
وإن الإنسان ليعجب وهو يرى هذه الأحوال في ظل هذا الإجرام المتعاظم، والقصف المتواصل للناس في بيوتهم وفي أرضهم وديارهم، النساء تقتل، وأرواح الأطفال تزهق، والأمم المتحدة غضبى لما يجري على أرض السودان من تطهير عرقي كما تزعم.
حول في البصر أو عمى في البصيرة أو هو كما قال القائل: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود إن الأحوال التي تمر بأمتنا اليوم هي في أوضح صور شدتها وقسوتها وفظاعتها، وهي في الوقت نفسه تعري كل متستر بستار يستر به نفسه زوراً وبهتاناً، فلم يعد اليوم أحد يشك فيمن يحارب دين الله عز وجل، ولم تعد تنطلي على أحد -حتى الحمقى والأغبياء- حيل من تلك الأقاويل والأراجيف التي نسمعها صباح مساء، تروجها وسائل الإعلام، وتصم بها آذاننا أقوال الساسة والمسئولين في شرق الأرض وغربها، من أبناء ملتنا ومن غيرهم.
ومن ذا الذي يستطيع أن يندد بهذا؟! وماذا نملك حتى نهدد تلك القوى العظمى، والأمم المجتمعة على الباطل، الراضية بشريعة الغاب: البقاء للأقوى؟! هل أملك أنا أو أنتم أن نندد بذلك؟ وماذا في أيدينا حتى نهدد؟ وبأي شيء نستطيع أن نواجه مرة أخرى وثانية وثالثة؟