للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية إصلاح النفوس ووصلها بالله عز وجل]

الحمد لله، الحمد لله خص رمضان بنزول القرآن، وفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النيران، وتصفيد مردة الجان, وتخصيص باب الريان لعباده الصائمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وحبيبنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، النبي المصطفى والرسول المجتبى، علم التقى ومنار الهدى، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلى هالك، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! سلف لنا حديث عن رمضان بوصفه شهر القلوب والأرواح، وحديثنا اليوم عن رمضان بوصفه شهر الصلة والإصلاح؛ صلة لما انقطع، وإصلاح لما فسد صلة شاملة تعم حسن وقوة الصلة بالله، كما تشمل حسن وامتداد الصلة بعباد الله في مراتب كثيرة، وفي إصلاحات نفسية وعملية واجتماعية متنوعة، تجعل الصلة بالإقبال إصلاحاً للإدبار، وتجعل الصلة بالطاعة إصلاحاً للغفلة الموقعة في المعاصي.

إنها صلة عظيمة تتجدد وتقوى، وتتجذر وتمتد، وتصبح في هذا الموسم العظيم سمة ظاهرة للمسلم وحده وللأمة كلها في نوع من التربية الإيمانية السلوكية الفكرية التي يصوغ بها هذا الدين العظيم أتباعه؛ ليردهم إليه من بعد شرود، وليقيمهم على منهجه من بعد انحراف، وتلك مزية هذا الدين في مواسم الخير، وعبادات التذكر والاتعاظ التي تتعهد القلوب بالزكاة والنفوس بالطهارة، وتتعهد العقول بالرشد والإيضاح، كما تتعهد الجوارح بالاستقامة وتهذيب السلوك، وتتعهد العلاقات والصلات بتحسينها وقطع ما يسوء ويضر منها، وتلك هي المزية العظيمة التي تتجلى لنا في شهرنا هذا وفي صيامنا هذا.