[صور من مآسي المسلمين في البوسنة والهرسك، وبيان حقد الغرب على المسلمين]
وإذا انتقلنا إلى الحدث الساخن الثالث وما يجري في أوروبا المتحضرة ذات الحضارة المدنية الباهرة، وذات الإعلانات الحضارية الزائفة التي تدَّعي حماية حقوق الإنسان، والتي تدّعي رفع شعار العدالة الدولية، والتي تدّعي أنها تنصر الحق في أي مكان، وأنها تنجد الإنسانية في أي ميدان، وإذا بنا نرى على مدى شهور طويلة هذه المؤامرة البغيضة الحاقدة على إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وليس من ذنب ولا من خطأ ولا جريمة إلا أن القوم مسلمون، وإن كان بعضهم ربما لا يعرفون من الإسلام إلا أقل القليل؛ ولذلك كلما مر زمن كلما اتضحت أبعاد المؤامرة.
فإذا بنا نسمع عن معسكرات الاعتقال التي تضم أكثر من (٢٦٠٠٠٠)، وإذا بنا نسمع عن قتل أكثر من (١٧٠٠٠) في داخل هذه المعتقلات، وأن (٥٠٠٠٠) من هؤلاء يضطهدون ويعذبون حتى الموت، وأن هناك ما يسمى بحملات التطهير العرقي، وهي في الحقيقة حملات التطهير الديني!! فلماذا يقتلون الأطفال؟! ولماذا يبقرون البطون ويقتلون الأجنة التي لم تر النور؟! إنهم يقتلون الإسلام الذي يثأرون منه كما يقولون، إنهم يقتلون الإسلام الذي لا يريدون له أن ينبعث في القارة الأوروبية النصرانية المسيحية التي لا تقبل وجوداً للإسلام والمسلمين، ولذا غضت الطرف وسكنت وسكتت، فلما ظهرت الصور الفظيعة تحركت بالإغاثة لا لأجل ألا يموتوا ويقتلوا، ولكن ليكن موتهم وهم شباع البطون بدلاً من أن يموتوا وهم جياع، فقد تم الاتفاق على أنهم يموتون ويقتلون ويهجرون، ولكن يمكن أن يموتوا بعد تزييف لهذه المساعدات الإنسانية.
وكذلك عندما جاء الكلام على التدخل العسكري، وعلى معاقبة المعتدي، فإن الأقوال تشعبت وتعددت، وإن التبريرات تكاثرت وتعددت، وكل ذلك ينبئ أن القوم ماضون في المؤامرة، ومؤخراً اتضحت الأبعاد، وتبادل الصرب والكروات الأسرى، وبدءوا ينسقون فيما بينهم، ويوزعون أراضي البوسنة والهرسك: ثلثين للصرب وثلثاً للكروات، ويحددون مواطن كل دولة تنضم إلى التي تريد، إما إلى دولة صربيا العظمى أو الكبرى كما يسمونها، أو إلى دولة الكروات.
وهذه المؤامرات تؤكد أن القضية دينية إسلامية، وأن المؤامرة صليبية مسيحية، ولعلكم تسمعون الفظائع التي تبين لنا أن القوم بنصرانيتهم وأن القوم بحضارتهم أنهم ليسوا من الإنسانية ولا من الآدمية بسبب ولا بنسب، ولذلك قتلوا الأطفال، واختطفوا النساء، والحقائق والوثائق والتقارير التي نطلع على جزء يسير منها يشيب لهولها الولدان.
ومن ذلك أنهم قتلوا (٥٠٠) من المسلمين بطريقة عجيبة فظيعة لا يصدقها العقل، سحبت منهم الدماء لأجل إنقاذ جرحى الصرب، فكان الواحد منهم يموت وهو يقطر دماً قطرة قطرة، حيث يسحب دمه حتى يلفظ أنفاسه!! وفي موقع آخر حشر (٥٧) من المسلمين في بدروم لعمارة، ثم جاء واحد من الصرب وألقى عليهم قنبلة يدوية، ولما تعالت الصرخات من هؤلاء تعالت الضحكات من ذلك الوغد الحقير، وكل هذه الصور تتناقلها وسائل الإعلام!! والأمر أيضاً مرة أخرى تنصير، ومؤامرة على الإسلام في الأطفال الذين يستوعبون في البلاد الأوروبية شرقاً وغرباً، ليضعوا لبان النصرانية، ولذلك قال أحد كتابنا في مجلة اليمامة: إني أحس بألم شديد أن يتحول هؤلاء الأطفال إلى ديانة غير الإسلام؛ لأن إخوانهم المسلمين تخلوا عنهم في لحظة هم في أمس الحاجة إلى أن تمتد إليهم أيدي إخوانهم المسلمين لتنتشلهم، ثم يقول: المهم ألا نفرط بهذه البراعم التي أنقذها الله من براثن الشيوعية ثم ابتلاها ببراثن التعصب الأعمى الذي اجتثها من الأرض.
ويقول كاتب آخر: لقد اتضح أن القيادات الغربية في أمريكا وأوروبا لن تتخذ أي مبادرة بهذا الخصوص لنجدة المسلمين.
لماذا ينجدون المسلمين؟! لماذا يفنون أموالهم أو يبيدون رجالهم لأية مصلحة؟! إن مصلحتهم في عكس ذلك، ويقول: لم تتخذ أية مبادرة بهذا الخصوص، والأمم المتحدة قدمت كلما لديها، ووجدنا أنه حل سقيم، ولكنني أعتقد أن الغرب إذا شعر بأن الدعم الإسلامي للبوسنة يجسد تيارات قوية رسمية وشعبية في العالم الإسلامي فقد يفكر في تغيير موقفه في البوسنة، وإذا أدرك الغرب أو اعتقد أن موقفه تجاه قضية البوسنة سيضر ببعض مصالحه في العالم الإسلامي فقد يتجه نحو صد العدوان الصربي على البوسنة.