للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاج أمراض القلوب بتحقيق (إياك نعبد وإياك نستعين)]

ذكر ابن القيم الجملة الجامعة للشفاء والعلاج، وهي جامعة للتزكية ومقاصدها، فقال رحمة الله عليه في مدارجه: (ولا شفاء من هذا المرض إلا بدواء: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥]).

ثم بين لنا تركيب هذه الوصفة الطبية فقال: (فإن هذا الدواء -أي: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) - مركب من ستة أجزاء: عبودية الله لا غيره، بأمره وشرعه لا بالهوى، ولا بآراء الرجال، وأوضاعهم، ورسومهم، وأفكارهم، بالاستعانة على عبوديته به، لا بنفس العبد وقوته وحوله ولا بغيره).

فهي عبودية بالأمر والشرع، لا بالهوى، ولا بآراء الرجال.

وبالاستعانة بالله، لا بالنفس ولا بالغير، قال: (فهذه هي أجزاء (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)).

لكن الأجزاء ليس كل أحد يستطيع تجميعها، وليس كل أحد يستطيع تركيب الدواء تركيباً سليماً.

قال: (فإذا ركبها الطبيب اللطيف العالم بالمرض، واستعملها المريض حصل بها الشفاء التام، وما نقص من الشفاء فهو لفوات جزء من أجزائها أو اثنين أو أكثر)؛ فلذلك لابد أن ينتبه لهذا.

ثم قال: (ثم إن القلب يعرض له مرضان عظيمان، إن لم يتداركهما العبد تراميا به إلى التلف ولابد، وهما: الرياء، والكبر، فدواء الرياء بـ (إياك نعبد)، ودواء الكبر بـ (إياك نستعين)، وكثيراً ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: (إياك نعبد) تدفع الرياء، و (إياك نستعين) تدفع الكبرياء).

فما أحوجنا لأن نفقه مثل هذا الفقه والفهم لهذه الآيات وتحقيقها في القلوب.