أحسب أن هذه الأسئلة وهي تجول بخواطرنا نعرف أن إجاباتها مريرة، وأن حقائقها أليمة، وأن واقعنا في هذه القضية يستحق أن يوصف بأعظم من الخسارة الكبرى؛ لأننا نفقد جوهر حياتنا، نفقد الميزان الذي نعرف به مسيرنا، نفقد النور الذي نبصر به طريقنا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال:٢٩].
إشراق الإيمان في القلب، وحياة القلب بالطاعات، ذلك هو الفرقان، ذلك هو النور الذي نميز به بين الحق والباطل، والذي نعرف به المنكر والباطل وإن كنا نجهل أدلته، وإن كنا لا نعرف أقوال العلماء فيه، فما بالنا اليوم والمنكرات الواضحة الجلية التي قامت عليها الأدلة القطعية بينة ظاهرة.
انتبه معي إلى هذا الأمر الخطير الذي نفقده:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[الأنفال:٢٩].
ونتذكر معاً حديث وابصة بن معبد الذي نردده كثيراً:(الإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وكرهت أن يطلع عليه الناس، استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك)، ضاع منا القلب الذي يستفتى؛ لأنه فقد النور الذي به يبصر، والميزان الذي به يرجح، وبهذا يكون قد فقد حساسية الإيمان، وفقد الشعور الذي يجعله يهرب من كل ذنب ويقبل على كل طاعة وينبعث إليها.
أي قلب هذا الذي سوف نستفتيه اليوم؟! إننا نستفتيه فيكاد لا ينكر الكبائر المجمع على حرمتها، فكيف به في أمور من الصغائر؟! وكيف به في أمور من المشتبهات؟! وكيف به في سعة وزيادة من المباحات؟! إننا إن استفتيناه اليوم ربما أقر بما نسمعه من أن الفنون جميلة، وأنها في خدمة الأمة، وأنها تصنع كيت وكيت، رغم ما فيها من العري والفجور والخنا والزنا وغير ذلك.