للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل فرد مسئول عن صلاح نفسه ومن تحت يده]

قد يقول القائل: وماذا عساي أن أفعل؟ ولئن قال كل كذلك فنقول له: خذ آيات القرآن: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:٣٨].

ونقول له: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦]، ونقول له: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨].

هل هذه تنوب عنك فيها الحكومات، أم يحملها عنك العلماء، أم يخفف وطأتها في حسابك الدعاة؟ إنك مسئول بين يدي الله: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه كفاحاً ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فإذا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).

، وقد قال صلى الله عليه وسلم لفلذة كبده: (يا فاطمة بنت محمد! لا أغني عنك من الله شيئاً).

فاعلم أنك مسئول! وهذه قضية مهمة، وهي مبدأ الطريق، ومفتاح الإصلاح والاستقامة، لا يكن أحدكم إمعة، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم، لم نلغو مع اللاغين ونخوض مع الخائضين؟! ولا يكون لنا ممانعة نسلم بها أنفسنا، ونقوم فيها بواجبنا تجاه أبنائنا؟ إن شخصيتك إن كانت قرآناً يتلى، وإن زوجتك إن كانت نموذجاً أمثل، وإن ابنك إن كان مربى تربية إسلامية صحيحة، فهذا كله يصب في خدمتك لأمتك، ويصب في قيادتك لهذه الأمة، ونحن نرى أحوالاً كثيرة، فكم هناك من خلل بين الأزواج والزوجات؟ كم من ظلم وبغي وتسلط بغير حق من الأزواج على الزوجات؟ وكم من تفريط وتقصير من الزوجات في حق الأزواج؟ كم من عقوق من الأبناء للآباء؟ وكم من تفريط وتضييع من الآباء للأبناء؟ وكم من معاملات زائغة وكم من انحرافات فاجرة وكم وكم وكم؟ ثم بعد ذلك نسأل: أين نصر الله؟ ونسأل: لم يتسلط علينا أعداء الله؟! وهذا مما ينبغي لنا أن نتأمله وأن نتدبر فيه، وهذا هو الأمر المهم الذي نحتاجه ولا بد لنا منه، وكما قلنا: لا تكن إمعة، ولا نريدك أن تكون تابعاً، بل نريدك أن تكون قائداً وزعيماً في الخير والحق والدعوة إلى إصلاح القلوب، وقوة العزائم.

أرشد العقول ببيان وتعليم، حرك الهمم والعزائم بأمثلة مضروبة، لم لا يكون أحدنا كما قال الله عز وجل في دعاء عباده: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:٧٤]؟ كل منا لو كان قائداً في الحق ورائداً في الخير وسابقاً إلى المعالي، لوجدنا هذه الروح وهي تلتهب، والمنافسة وهي تشتعل، والهمم وهي تعلو نحو التشبث بمرضاة الله وإصلاح أحوالنا، وكل منا مسئول، فنسأل الله عز وجل أن يبصرنا بعيوبنا، وأن يردنا إلى دينه رداً جميلاً.

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.