ما هذه الصور التي قتلت كل معنى جميل، وكل خلق فاضل، وأماتت كل صورة مشرفة وضيئة في حياتنا؟! لما انسلخ الحياء انسلخ الإيمان وضعف توقير أمر الله سبحانه وتعالى، أليست هذه صورة نشهدها كل يوم ونراها قد كانت خطوة فخطوة فخطوة، ولا نعلم إلى أين تنتهي الخطوات؟ (نظرة فسلام فكلام فموعد فلقاء) هذا هو الذي كان، ما كنا نرى ذلك قبل سنوات قلائل، ما كنا نرى هذه الصور وهذه المشاهد وهذه الأمور التي تجعل الحليم حيران، أين غيرة الرجال؟ أين إيمان أولياء أمور هؤلاء النساء؟! وأين ركنا المرأة التي تتميز بهما عن الرجل الحياء والأنوثة؟ فقدت حيائها فتبرجت، وفقدت أنوثتها فاسترجلت، ولم يعد المرء يفرق اليوم بين رجل وامرأة، وأصبح كثير من الناس ينشرون الصور ويروجونها في أوساطهم ويلتمسون لها المعاذير، ويقولون: هذه حاجة وهذا لا بأس به، ونقول: اسمعوا لقول الله جل وعلا في خطاب خير نساء الأمة أزواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى:{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب:٣٢]، نهي لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهن من هن إيماناً وأدباً وحياءً وعلماً وخشية لله جل وعلا، والمخاطبون هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حرصاً على الطاعة، وأبعد الناس عن المعصية، ومع ذلك يقول تعالى:{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب:٣٢]، أي: لا تلن الكلام ولا تتكسرن فيه، ولا تملنه يمنة ويسرة، فضلاً عن الضحكات والحركات، فضلاً عن الإشارات والغمزات.
لقد فقد الحياء في مثل هؤلاء النساء، وفقدت الغيرة من أولياء أمورهن، وصارت صورة تنذر بويل كبير، وخطر عظيم؛ لأنها لا تخص أصحابها بل تقتحم أنظار الناس رغم أنوفهم، وتقتحم قلوبهم رغم أنوفهم، وتغير في نفوسهم رغم أنوفهم.