والإنفاق في حد ذاته دليل على طبيعتها وفطرتها الطيبة، وعلى عاطفتها الرقيقة ومشاركتها الإيجابية في مشكلات المجتمع وفي نصرة الإسلام والمسلمين، وفي حديث مسلم لما ذكر في قصة بلال ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء أن يتصدقن قال في آخر الحديث:(وكان أكثر من يتصدق النساء) والحديث -أيضاً- عند البخاري بلفظ آخر، وقد قال ابن حجر رحمة الله عليه قولة جميلة لعلها مما يفرح النساء، ولكنها -أيضاً- توجب عليهن أن يكن مبادرات متأسيات بنساء الصحابة؛ لأنهن في ذلك الوقت بذلن حتى كان شأنهم كما ذكر في الرواية:(فكانت إحداهن تضع الفتخ والقرط) يعني: تضع شيئاً من الذهب والحلي التي تتجمل به المرأة.
قال ابن حجر: وفي مبادرة تلك النسوة إلى الصدقة بما يعز عليهن من حليهن مع ضيق الحال في ذلك الوقت دلالة على رفيع مقامهن في الدين وحرصهن على امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأقول: فيه دليل على ترفع المرأة عن الزينة وكونها ليست أسيرة للزينة والحلية وإن كان من طبعها أنها تحبها، لكنها إذا جد الجد ودعا داعي الخير فإنها تقدم دينها على حليها، وتقدم نصرة دين الله عز وجل على تجملها واستكمال ما يتعلق بحليتها.