الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، وأعزنا بالإسلام، وهدانا بالقرآن، أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، له الحمد سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ويرضى، حمداً نلقى به أجراً ويمحو الله به عنا وزراً، ويجعله لنا عنده ذخراً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، ختم به الأنبياء والمرسلين، وجعله سيد الأولين والآخرين، هدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وكثرنا به من بعد قلة، وأعزنا من بعد ذلة، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله عنا خير ما جازى نبياً عن أمته، ووفقنا وإياكم لاتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وجعلنا من أهل شفاعته، وصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فأيها الإخوة المؤمنون! حديثنا اليوم عن القضية العظمى التي لا أمل من تكرار الحديث عنها لاعتبارات كثيرة؛ لأنها هدف نهائي، وغاية كبيرة عظمى لكل ما يحاك حول أهل الإسلام وأمته، ولكل ما يدبر للمسلمين في شتى بقاع الأرض.
إنها قضية فلسطين مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد الأقصى، أرض النبوات والأنبياء، الأرض التي فتحها عمر رضي الله عنه، وحررها صلاح الدين رحمه الله، وروتها دماء المسلمين إلى يومنا هذا على أيدي الأبطال الأشاوس المؤمنين من الصغار والشباب الذين بذلوا أرواحهم فداء لدينهم، والذين أزهقوا نفوسهم إعزازاً لأمتهم، والذين تصدوا بصدورهم العارية للقوة الضاربة الضارية؛ ليثبتوا عظمة الإيمان، وقوة الإسلام، وغيرة وحمية المؤمنين الذين لا ترهبهم القوى العظمى، ولا تخيفهم المؤامرات الكبرى، ولا تنطلي عليهم الخدع المتوالية.