وأنتقل أيضاً إلى نقطة مهمة متعلقة بخصائص العواطف، وهي: قضية نمهد فيها لما يأتي من أمر الصلة المباشرة في صورة عملية بين العاطفة وممارسات دعوية: أول هذه الخصائص: أن العاطفة موجهة، بمعنى أنك لا تستطيع أن تقول إني أُحب فلاناً أو أحب شيئاً؛ ولكنني لن أتأثر أو لن تؤثر فيَّ هذه العاطفة، كلا! فطبيعة العاطفة أنها توجه، وأنها تدفع، وأنها تمنع، فليست هي قاصرة لمجرد الصورة الانطباعية، بل هي ذات تأثير موجه ومحرك.
الأمر الثاني وهو أخطر هذه الخصائص: أن العاطفة تتأثر بالظروف، أي بالزمان وبالمكان وبالأحوال حال الشخص وحال الآخرين من حوله، فقد ترى إنساناً متعلقاً بآخر متصلاً به محباً له، ثم لا يلبث بعد حادثةٍ أو ظرف أن ينقلب رأساً على عقب، وينقلب الاتصال إلى انقطاع، والمحبة إلى بغضاء، وترى صورة تذكرك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، ولذلك من الصعب ضبط هذه العواطف وتربيتها، فليست هي قضية سهلة؛ لأنها متقلبة متأثرة.
والأمر الثالث الناتج عن التأثر والتقلب: أنك لا تستطيع أن تثق بعاطفة بمجرد كونها عاطفة ما لم تضبط بالشرع والعقل، فلا يمكن أن تثق بعاطفة؛ لأن العواطف تكون بحكم هذه المؤثرات، فلا يكون للعاطفة استقرار ودوام إلا إذا بُنيت على أساس عقلي، واستندت إلى أحكام ونصوص وأدلة شرعية، فالعاطفة التي لا تسند إلى شرع ولا تكون منضبطة انضباط عقلٍ مستندٍ إلى شرع لا يمكن أن تكون ثابتة، بل طبيعتها التقلب الذي لا يمكن معه أن تطمئن أو أن يكون هناك تلك العلاقات التي يبنى عليها كثير من الأعمال.