[كيفية النصيحة لعامة المسلمين؟]
أخيراً نصيحتنا فيما بيننا: نحن عامة المسلمين الداخلين في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم)، كيف ننصح لبعضنا؟ أولاً: التعليم والإرشاد: علم أخاك بما ترى أنه لا يعلمه وأنت تعلمه، أرشده إلى مواطن الحق والخير، ومحض النصح فيما تشير به عليه.
ثانياً: الرعاية والإعانة والإسناد: إن كانت له حاجة فبادر إلى سدها، إن كان في كرب فبادر إلى التنفيس عنه فإن ذلك من ألوان النصح له كذلك.
ثالثاً: الأمر والنهي والنصرة الحقيقية: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله! عرفنا كيف ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: تمنعه أو تردعه عن الظلم، فتلك نصرته).
كذلك الإحسان والستر: أحسن إليه، واستر عليه، وكن معه على ذلك الشأن الذي تحب أن يكون لك من الآخرين.
ومن ذلك: التعظيم والتوقير: ونعني بذلك تعظيم حقوق المسلمين، وتوقير قدرهم، فإن للمسلم على المسلم حقاً لابد أن يؤدى، وإن له حرمة لابد أن ترعى، وذلك في عرضه ودمه وماله؛ فكيف تغتابه وكيف تستهزئ به وتسخر منه وكيف لا تعطيه قدره وكيف تشعره بالإهانة أو الاحتقار أو الازدراء والآيات في النهي عن ذلك كثيرة معروفة! ومن ذلك كف الأذى عنه: وكم من الأذى يأتي منا إلينا وفيما بيننا، ولعلنا أيضاً نحتاج إلى التعاون على البر والتقوى فهو من أعظم صور النصح بين المسلمين، وميادين ذلك كثيرة.
نحن نرى في مساجدنا قصوراً وخللاً ومخالفات؛ لكننا نكاد لا نسمع من ينطق بالنصح بالأسلوب المناسب وفي السر وبالطريقة الملائمة، نحن نأتي إلى المساجد ونرى كثيراً من الشباب وغير الشباب لا يجيبون النداء ولا يتوجهون إلى الصلاة، فلا يكاد يذكرهم أحد أو ينصحهم، نحن نرى من يشتم ويسب ويلعن فلا نقول له: انتبه فإن ذلك يعود عليك، ولا تكن كذلك، فإنك إن تعودت ذلك صار لك ديدناً، وصار لك سمة سيئة ونحو ذلك.
فهذه الصور التي في واقعنا تحتاج أن نشيع النصح، ولكننا كثيراً ما نتأخر أو نتخلف لأسباب ذكرناها فيما مضى، فلعلنا أن نتعاون تعاوناً حقيقياً، وأن نستفيد من مثل هذه الكلمات استفادة عملية، فلنشع هذا النصح فيما بيننا في أحوال مسجدنا هذا، وفيما يقع فيه من أمور أو مخالفات.
كم نرى من أناس يدخلون إلى المساجد بثياب قذرة ورائحة منفرة، ولا يذكرون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينهى عن أكل بعض الطعام كالثوم لئلا يكون له أثر ورائحة كريهة تؤذي المصلين، وتؤذي الملائكة الذين يحفون بالمصلين! وكم من صور أخرى نراها في اعتداء على حقوق المسجد، وقد تحدثت في ذلك، ولكن لم نجد ما ينبغي أن يكون من تعاون لدرأ هذه المفاسد.
وينبغي أن نشيع النصح والوعظ لمن يجاورون المسجد في كل الأمور والأحوال، سواء كان ذلك في العبادات أو كان ذلك في الأحوال الاجتماعية والتعليمية وغيرها، فإن المسجد هو قلب المجتمع المسلم النابض، وهو الرئة التي يتنفس بها، فلو تعاونا على ذلك لكان لنا من وراء ذلك خير كثير.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لطاعته ومرضاته، وأن يسلك بنا سبيل الصالحين، وأن يجعلنا من عباده المخلصين، وأن يجعلنا من عباده الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والناصحين، ونسأله جل وعلا أن يكتبنا في جنده المجاهدين، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم.
اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى، اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا وبلغنا فيما يرضيك آمالنا يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء اللهم اصرف عنا الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين؛ احفظ لهذه البلاد أمنها وأمانها، وسلمها وسلامها، ورغد عيشها ورخاءها، يا أرحم الراحمين يا رب العالمين اللهم رد كيد الكائدين، وادفع شرور المعتدين، وسلم ديار المسلمين، واحقن دماءهم، واحفظ أعراضهم يا رب العالمين اللهم من كادنا فكده، ومن حاربنا فاخذله يا قوي يا عزيز يا متين! اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين والمرضى في كل مكان يا رب العالمين اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وفرج همهم، ونفس كربهم واجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية.
اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون!