للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إصلاح المجتمع]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، فاتقوا الله في السر والعلن، واحرصوا على أداء الفرائض والسنن، واجتنبوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

وإن ما ذكرناه في نصر المسلمين بإصلاح أحوالنا وأبنائنا يتبعه أيضاً إصلاح وتغيير مجتمعاتنا، واعلم أن كل واحدة من هذه القضايا جديرة بأن يكون فيها حديث طويل، لكننا نريد المجمل المهم، نريد القاعدة الكلية، نريد العنوان وما وراء ذلك تعرفونه، وكلنا يعرف تقصيره، وكلنا يعرف تفريطه، وإنما نريد الذكر والتذكير، ثم بعد ذلك ينبعث القلب، ويلتمس الطريق، ويبحث عما ينقصه من أسباب النجاة.

ولعلنا نواصل حديثنا بمشيئة الله تعالى في تغيير المجتمعات؛ فإن الإسلام لا يكتفي منك بأن تصلح نفسك وأهلك، ثم تقول: ما لي وما للناس؟ ولا أن تتبنى فهماً خاطئاً لقوله جل وعلا: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:١٠٥].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقينا شرور أنفسنا، وأن يعيذنا من فساد قلوبنا، وأن يسلمنا من ضلال عقولنا، وأن يقينا انحراف جوارحنا.

نسألك اللهم أن تردنا إليك رداً جميلاً، اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك يا رب العالمين! وأخرجنا من الظلمات إلى النور.

اللهم إنا نسألك نقاء قلوبنا، وزكاة نفوسنا، ورشد عقولنا، وإخلاص نياتنا، وصواب أعمالنا، وحسن أقوالنا، ومضاعفة أجورنا، ورفعة درجاتنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم من علينا بالعفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ما مضى وما هو آت، وأن توفقنا للصالحات، وأن تجنبنا الشرور والسيئات، ارزقنا اللهم الإخلاص في القول والعمل، وجنبنا اللهم الفتنة والزلل يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بالصليبيين المعتدين، وعليك اللهم باليهود الغاصبين، اللهم عليك بهم أجمعين، اللهم عليك بحلفائهم ونصرائهم يا رب العالمين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، زلزل اللهم الأرض من تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين.

اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.

اللهم فرق كلمتهم، واستأصل شأفتهم، ودمر قوتهم يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار؛ يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء! اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين يا قوي يا عزيز يا متين.

اللهم رحمتك ولطفك بإخواننا المؤمنين المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والجرحى والمرضى في أرض فلسطين وفي العراق وفي كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، وأمن روعتهم.

اللهم إنا نسألك أن تلطف بهم فيما تجري به المقادير، اللهم صبرهم على البلاء، ورضهم بالقضاء، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين.

اللهم عجل فرجهم، وفرج كربهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم يا رب العالمين.

اللهم انصر عبادك وجندك المجاهدين، سدد اللهم رميتهم، ووحد كلمتهم، وأعل رايتهم، وقو شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم ووفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء.

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

وأقم الصلاة! إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.