وثالث أحوالنا في إصلاح أنفسنا: أن نحول الكسل إلى عمل: نحن قد ركنا إلى الدنيا إلا من رحم الله، وانشغلنا بها عن كثير من الهمم العالية، والنفوس والعزائم الماضية التي لا ترضى بالدون، التي تطلب المعالي من الأمور، والتي تعرف المنافسة والمعيار الذي تتقدم به بين يدي الله قال تعالى:{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}[التوبة:١٠٥]، ليس ميدان القول، ليس ميدان الادعاء، ليس ميدان الأمنيات، وإنما هو ميدان العمل قال تعالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦]، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}[الصافات:٦١]، ليس هناك مجال للتقصير بعد كل هذا الذي ذكرناه، فإذا المساجد خاوية، وإذا المصاحف على الرفوف باقية، وإذا دروس العلم لا يكاد يحضرها أحد، وإذا محاريب الليل ودعوات السحر لا تكاد تسمع أو ترى إلا قليلاً قليلاً لم ذلك ونحن نريد إصلاح نفوسنا، قال تعالى:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}[آل عمران:٣٠].
أصلحوا أنفسكم بهذه المعاني المهمة من علم ينفي الجهل، ومن ذكر ينفي الغفلة، ومن عمل يرفض الكسل.