في هذه الفترات من عمره لم يكن ذلك الفتى الشاب رغم هذه الحادثة ورغم الظروف القاسية قانعاً بأن يكون كغيره طريح فراشه، وقعيد كرسيه؛ بل كان في تلك الفترة من عمره داعية متحركاً، ومشاركاً في مواجهة الظلم والطغيان، فقد شارك في المظاهرات الاحتجاجية على العدوان الثلاثي في عام ١٩٥٦م، وكان له دور ومشاركة دعوية، وعندما تخرج من الثانوية وقد تعلم عند الشيوخ في المساجد تقدم إلى مهمة التعليم؛ ليكون معلماً، وكادت أحواله الصحية أن تمنعه من ذلك، ولكن تيسير له ذلك؛ فعلم في التربية الإسلامية واللغة العربية، وبث روح العزة والمقاومة والجهاد، وبين حقائق الأعداء وطرائقهم في حرب الإسلام وأهله، وهذا من عجائبه.
وصار يخطب في الجماهير، وكان خطيباً مؤثراً معبراً بحاله قبل مقاله، وكان في العشرين من عمره خطيباً للمسجد العباسي في غزة، وشهد له المنبر بالمواقف العظيمة التي كان يؤثر فيها في الناس في هذه الفترات والمراحل الأولى قبل أن يكون هناك في تلك الفترات الزمنية دعوة أو صحوة إسلامية؛ بل كان الإسلام غريباً يوم كان مد اليسارية والقومية والاشتراكية والبعثية قد مد في أمة الإسلام والعرب على وجه الخصوص مداً كاد ألا يسلم منه أحد.