للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة الله في الأخذ بالأسباب]

ينبغي لنا أن نبذل هذه الأسباب، والأسباب من سنن الله عز وجل ينبغي الأخذ بها معنوياً ومادياً قال تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم:٢٥]، أمرت مريم وهي امرأة ضعيفة في وقت المخاض أن تهز جذع نخلة، وما عسى أن تهز فيه! لكنها أخذت بالسبب، وجاءت النتيجة من الله سبحانه وتعالى.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعقلها وتوكل)، وقد ضرب عليه الصلاة والسلام المثل في هجرته، فأخذ للأمر عدته وأهبته وتخطيطه الكامل التام، ثم جاءت بعد ذلك عناية الله عز وجل لتجبر كل نقص في تدبير المسلم، وكل خلل فيما أعده من الأسباب، وذلك هو الذي نرتقبه ونأمله.

أما بلا إيمان ويقين، وبلا صلاح واستقامة، وبلا عمل ولا إعداد، فإن سنن الله ماضية لا تحابي أحداً، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى خلق الله بأن تنكسر أو تتخلف سنن الله عز وجل في حياته، ولكن لما خالف بعض أصحابه يوم أحد دارت الدائرة، وشج وجهه، وسال الدم على جبهته، ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه عليه الصلاة والسلام، فلئن كان ذلك كذلك مع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فكيف بمن دونه ممن هو بعده؟ نسأل الله عز وجل أن يرد الأمة إلى دينه رداً جميلاً، ونسأله أن يصرف عنها الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إن قضيت فتنة فاقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين، اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى، وأن تجعلنا هداةً مهديين، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيهما، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، وأقل عثراتنا، وامح سيئاتنا، وارفع درجاتنا، وضاعف حسناتنا، برحمتك يا رب العالمين! اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيها أهل طاعتك، ويذل فيها أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم سطوتك يا رب العالمين! وأنزل اللهم بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.

اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم أنزل في قلوبهم الصبر واليقين، وثبت أقدامهم في مواجهة المعتدين، اللهم وحد كلمتهم، وأعل رايتهم، وسدد رميتهم، وقو شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين! اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطئمناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبيك محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

وأقم الصلاة! إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.