للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلام الأقران يطوى ولا يروى]

مسألة مهمة يؤكد عليها العلماء، يجب أن نقف عندها، وهي: كلام الأقران بعضهم في بعض، وكلمة الأقران: تعني: الأضداد المتساويين المتعاصرين، ومعلوم أن هذه القضية فطرية وبشرية، فالناس لا يخلون من اختلاف، حتى ولو كانوا من العلماء فقد يقع بينهم الاختلاف، وقد يكون الخلاف موجباً لنوع من الجرح الذي فيه نوع من القدح البالغ، ولذلك قال العلماء: كلام الأقران بعضهم في بعض لا أثر له، فاطرحه ولا تلتفت إليه، إلا إن كان ببيان، وتحقيق بقدر معين، وإلا فالغالب في كلام الأقران أنه لا أثر له سيما إذا عورض بجرح وتعديل آخر.

مثال ذلك: قال الإمام مالك رحمة الله عليه عن محمد بن إسحاق: دجال من الدجاجلة، وهو من أهل العلم الصالحين، وأخطأ مالك في جرحه، قال الذهبي وغيره: فلا تلتفت إلى ذلك، فإذا كان لم يلتفت إلى كلام مالك في جرحه هذا مع ما هو عليه من غزارة علم وجلالة قدر، وقدرة استنباط، ومزيد ورع، فغيرهم من المعاصرين من باب أولى، فإن كلام الأقران والمتعاصرين في بعضهم لا يقبل، وذلك كثير جداً، كما كان بين السيوطي والسخاوي وكما كان بين ابن مندة وأبي نعيم حتى أجلة العلماء يحصل بينهم شيء من ذلك فما ينبغي التنبه له، حتى لا يقع الإنسان في الخطأ، وهذه مسألة مهمة، قال الذهبي في ترجمة عفان الصفار في ميزان الاعتدال: كلام النظراء والأقران ينبغي أن يتأمل فيه، ويتأنى فيه، وقال أيضاً في ترجمة ابن ذكوان: قال ربيعة فيه: ليس بثقة ولا رضا، مع أنه ثقة!