ومن مزايا المسلم أيضاً: قلة ذنوبه، فالمسلم الصادق يقع في الذنب، ولكنه لا يقع في الذنب صباحاً ومساءً وفي كل وقت وآنٍ وعلى كل ظرف وفي كل مكان، كلا! فليست هذه صفة المسلم الحق، وإنما يقع منه الذنب إذا وقعت له غفلة واستزلاً من الشيطان، ثم يئوب إلى الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال ابن سيرين: إني لأعرف الذنب الذي حملت به هذا الدين، قيل له: ماذا؟ قال: ذنب أذنبته منذ أربعين سنة، قيل له: ما هو؟ قال: قلت لرجل: يا مفلس! فهذا الذنب ظل أربعين سنة يذكره.
قال بعض أهل العلم: قلت ذنوبهم فأحصوها، وكثرت ذنوبنا فأعيتنا، فلا يستطيع الإنسان أن يحصي ذنوب يوم واحد، فإنه إذا بدأ من أول النهار إلى الظهر ربما كثرت ذنوبه عن حد الحصر والعد، وبدأ بعضها ينسي بعضاً، نسأل الله عز وجل السلامة.
ولذلك ينبغي للإنسان أن يحتاط لنفسه بمثل هذه الأمور، والله سبحانه وتعالى قد وصف وبين أثر ذلك في نفس الإنسان المسلم، فقال سبحانه وتعالى:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف:٢٠١]، فقد يقع بالذنب في حين غفلة، ثم يتذكر ويعود إلى التوبة، وكذلك قال الله سبحانه وتعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة}[آل عمران:١٣٥] والفاحشة: ما يفحش وينتشر، بمعنى: أنه أمر عظيم وكبير، قال:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:١٣٥] فهذا هو دأب وشأن المسلم أنه يتوقى آثار الركون إلى المعصية، وأن تكون مستولية عليه لا يستطيع الفكاك منها، فهو قليل الذنوب، مدرك لآثارها، راجع إلى ربه، مكثر من الاستغفار، مبادر إلى الطاعات في أعقاب السيئات، ولذلك تجده قريباً من أثر الوعظ في نفسه، وهذا أمر مهم يحتاج كل مسلم إلى أن يأخذ حظه منه.