[مقارنة بين أحوال المسلمين وأحوال غيرهم في الجانب الدنيوي]
وقد يقول قائل -وقد قالوا ذلك كثيراً-: ما بالكم تنعون علينا ذلك؛ ولو نظرتم إلى الأمم التي تتحدثون عنها في أمريكا وفي أوروبا وفي اليابان لوجدتم أن لديهم عناية بالغناء والفنون والرقص وغير ذلك؟! وأقول: بئست المقارنة! لأن القوم قد فرغوا من المهمات، فعلومهم مطردة متنامية، وصناعاتهم متفوقة متزايدة، واقتصادياتهم متضخمة متوالية، ولا عليهم أن ينشغلوا بمثل ذلك، لكن نظمهم وإعلامهم ومؤسساتهم تعطي للعلم أضعاف أضعاف أضعاف ما تعطي للفن.
وللأسف الشديد؛ فقد أعلن قبل فترة عن تقييم لأفضل خمسمائة جامعة في العالم، فلم يدخل في هذا التصنيف أي جامعة في بلد عربي أو مسلم! ودخل في هذا التصنيف سبع جامعات من الكيان الصهيوني الغاصب في أرض فلسطين، وعندما يقارن الإنفاق في البحث العلمي في ذلك الكيان الغاصب فإنه يكون نحو ثلاثة أو أربعة أضعاف ما ينفق على البحث العلمي في الدول العربية قاطبة! فاثنتان وعشرون دولة لا تنفق إلا نحو ثلث أو ربع ما يُنفق هنالك! فما على أولئك القوم من بعد أن يغنوا، وأن يرقصوا، وأن يفعلوا ما يريدون؛ لأن لديهم أموراً كثيرة.
وقد وقفت بنفسي على جامعة واحدة فيها كلية طب واحدة ومستشفى واحد عريق في بلد كبير غربي، ينفق على أبحاث الطب فحسب في هذه الكلية وحدها أربعة آلاف مليون دولار! وهي جامعة واحدة! فما على أولئك إن أنفقوا مثل هذا أو دونه في غير ذلك من الأمور!