في المقابل تشريع آخر وهو طاعة المرأة لزوجها وحسن تبعلها له وتجملها له، والتماس رضاه والقيام بحقه، فإن هذا الأمر لو تم لكان مكافأة على الأمر الأول، ولحسنت به مسيرة الحياة الزوجية، وابتعدت أسباب الشقاق والطلاق بإذن الله عز وجل، والمصطفى عليه الصلاة والسلام يقول:(لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لعظم حقه عليها) رواه أبو داود في سننه.
ولما جاءت المرأة كما في الصحيح تقول للنبي صلى الله عليه وسلم:(إن الرجال فضلوا علينا بالجهاد والغزو في سبيل الله عز وجل، فقال: إن حسن تبعل إحداكن لزوجها يعدل ذلك) فهذا التشريع هو الذي ينبغي أن نلتفت إليه، وقبل أن نلتفت إلى النهاية فلننظر إلى البداية.
وثمة أحكام عامة أخرى تتعلق بالطلاق وهي مهمة؛ فإن الطلاق ليس إلا مرحلة نهائية تسبقه مراحل عديدة وأدوية وعلاجات متنوعة، تسد الطريق إليه وتبعد الوصول إليه، فالله عز وجل يقول:{والَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء:٣٤ - ٣٥].
هذه مراحل أربع: موعظة، تذكير بحق الزوج على زوجته، تذكير بطاعة الله عز وجل، باتباع هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، وعظ وتخويف بالآخرة، فإن لم يجد ذلك نفعاً فهجر في المضجع وإظهار للغضب، فإن لم يكن ذلك فضرب غير مبرح، يشعر بوجود الخطأ، ويهدف إلى التقويم والتهذيب والتأديب، فإن زاد الأمر عن حده فحكم من أهله وحكم من أهلها.
انظر إلى المراحل الثلاث فهي بين الرجل وزوجه لا يخرج عن إطار الخلاف بينهما، حتى لا يتسع ويتشعب، وتأخذ به أم المرأة شرقاً ويأخذ به أهل الزوج غرباً ثم يشيع، فإذا أراد أطراف النزاع اللقاء كان قد اشتبك النزاع وتوسع، فلم يعد للاثنين فيه خيار، وقد فرض عليهما استمراره من غيرهما؛ لذلك فالأصل أن يكون هذا النزاع أو الخلاف في دائرة الزوجين ابتداء، ثم إن أعياهم الأمر فلهما أن يختارا حكماً من أهله وحكماً من أهلها؛ للإصلاح وتقريب وجهات النظر وتأليف القلوب، ولفت النظر إلى أهمية الأسرة ورعاية الأبناء ونحو ذلك.