وأخيراًًً: التحفيز الذي يحث الإنسان على طلب المعالي، وإدراك الكمال، والمنافسة في المراتب العالية:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ}[آل عمران:١٣٣]، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}[الحديد:٢١]{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦]، {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة:١٤٨] كله حث وحض حتى تنطلق القوة الإيمانية في قوة الملكات؛ ليقوم الإنسان بأعظم دور، وأكبر عمل، وأعظم تأثير في حياته، بدلاً من خمول وكسل، وضياع أوقات، ولقاءات في هدر القول، واللغو الباطل، وغير ذلك مما نراه في مجتمعاتنا بين الكبار قبل الصغار، والرجال قبل الشباب، ولذلك ينبغي أن نعرف كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث ويحض ويشجع، ويخبر أصحابه بالأجور العظيمة والفضائل الكبيرة؛ لكي ينطلقوا في هذا الميدان للتنافس:(ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة) حتى إذ اشتاقت القلوب وتطلعوا إلى ذلك، وهم يريدون الخير ويحرصون عليه، قال عليه الصلاة والسلام:(أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون) وكم مرة يذكر عليه الصلاة والسلام الأمر بالأسلوب المادي والسؤال والجواب؛ حتى يعلق القلوب والعقول، ثم يجيب، عندما يقول:(أيحب أحدكم أن يكون له ناقتين كوماوين؟ فقلنا: نعم -كوماوتين أي: عظيمتين جسيمتين- فيقول: لئن يغدو أحدكم إلى بيت من بيوت الله فيعلم آية من كتاب الله خير له من ناقة كوماء، وآيتين خير من اثنتين، وثلاث خير من ثلاث ومن أمثالها من الإبل) وهكذا نجده عليه الصلاة والسلام وهو يحث ويحض على ذلك.
وجاء في الحديث المشهور من رواية أبي ذر لما جاء الصحابة وقالوا:(يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور -أصحاب الأموال- يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، ونحن ليس عندنا أموال فلا نتصدق ولا نؤجر، قال: أو ليس قد جعل لكم ما تصدقون به، ودلهم على التسبيح والتحميد والتكبير وكف الأذى وغير ذلك، ثم جاءت المنافسة مرة أخرى فقالوا: يا رسول الله! سمع إخواننا بما قلت لنا ففعلوا مثلما فعلنا -ميدان تنافس تنطلق فيه الطاقات- قال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يوفقنا وأن يوفق معلمينا ومعلماتنا لما يحب ويرضى، ولما فيه خير أبنائنا وبناتنا.
أقول هذا القول، واستغفروا الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.