ثم انتبه إلى قوله صلى الله عليه وسلم:(نحن أحق بموسى منهم)، كل فضل فيما مضى، وكل خير وتشريع فيما سبق أقره الإسلام، ونحن أخذنا منه بالحظ الوافر.
ثم (نحن أحق بموسى منهم)؛ لأنا نؤمن بموسى عليه السلام، ونؤمن بمن جاء بعده وهو عيسى عليه السلام، ونؤمن برسل الله وأنبيائه لا نفرق بين أحد منهم، واليهود في جملتهم لم يؤمنوا بعيسى عليه السلام، وكفروا برسالته، وسعوا إلى قتله، ولم يؤمن جلهم كذلك بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وجحدوا بها وسعوا إلى قتله، ونحن نؤمن بالرسل والأنبياء، ونعظمهم ونوقرهم، ولا نفرق بين أحد منهم.
ثم ماذا كان شأن بني إسرائيل مع موسى عليه السلام؟ والقرآن قد قص علينا من ذلك قصصاً فيما جحدوا، وفيما أتعبوا فيه موسى، وفيما خالفوه فيه، وفيما استبدلوه من نعمة الله عز وجل، واتخذوا العجل إلهاً معبوداً لهم وغير ذلك كثير، فينبغي لنا أن ندرك نعمة الله عز وجل علينا، ورحمته بنا، وتفضيله لنا، وتمييزه لنا عن غيرنا قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}[البقرة:١٤٣]{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران:١١٠] ينبغي أن يكون ذلك إيماناً ويقيناً راسخاً بفضل أمة الإسلام وأهل الإسلام، لا كبراً ولا استعلاء، ولكن علماً وتمييزاً وتعريفاً في هذا المجال.