ومما يعين على التوبة: أن يستشعر أثر الطاعة، فهناك يستشعر أثر المعصية فيكون ذلك دافعاً له للبعد عنها، وكذلك إذا استشعر آثار الطاعات ولذة التوبة وحلاوتها، فإن أي إنسان لو اختلف مع إنسان وهذا الإنسان كان صاحب فضل عليه، وصاحب منة عليه، وصاحب أفضال كثيرة عليه، ولكن حصل بينه وبينه ما شوش العلاقة، فإنه يبقى مهموماً مغموماً حتى يصلح ما بينه وبينه، فإذا اصطلح معه فإنه يقبل حينئذ وهو منشرح الصدر، ويعانق ويبتسم، وتهتز نفسه طرباً، ويرقص قلبه فرحاً، فكيف إذا كنت قد أخطأت وأذنبت وتجرأت على خالقك ورازقك والمدبر لأمرك واللطيف بك سبحانه وتعالى، فما أعظم لذة الصلح والتوبة لله سبحانه وتعالى، وكم فيه من انشراح صدر وطمأنينة قلب! وكم فيها من هدوء قلب وزوال للغموم والهموم! وكم فيها من إشراق في الوجه وقوة في البصر وإشراق في البصيرة! وكم فيها من الخير! وحسبك أن الله سبحانه وتعالى يفرح بها، كما قال صلى الله عليه وسلم:(للهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم ضاعت منه ناقته في أرض فلاة وعليها زاده وطعامه، فلما أيس منها نام تحت ظل شجرة ينتظر الموت، فلما استيقظ وإذا بناقته عنده، فأخطأ من شدة الفرح قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك).
فالله عز وجل يفرح بتوبة عبده، فكيف بفرح العبد؟! فتأمل أيها العاصي! ما تجد من لذة التوبة ولذة الأنس بالفرح الإلهي الرباني، فإن ذلك من أعظم هذه الأمور.