لابد لنا من الثقة بالله، تلك الثقة التي أنطق الله بها موسى عليه السلام يوم جاء فرعون من ورائه والبحر من أمامه:{قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء:٦١]، قال الواثق بالله عز وجل، الواثق بنصره الماضي على منهج ربه:{كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}[الشعراء:٦٢]، ويوم قال أبو بكر في الغار: والله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، فنحن نحتاج إلى أن نثق بالله وبوعد الله سبحانه وتعالى.
وإني على ثقة من طريقي إلى الله رب الثناء والشروق فإن عافني الشوق أو عقني فإني أمين لعهدي الوثيق فالله نسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وأن يلهمنا الرشد والصواب! اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة! اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شرور أنفسنا! اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا نادمين! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين! اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه! اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية! اللهم فرق كلمتهم، ودمر قوتهم، واستأصل شأفتهم! اللهم اجعلهم عبرة للمعتبرين، يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء! اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المستضعفين، اللهم رحمتك بالمشردين والمبعدين، اللهم رحمتك بالمعذبين والمضطهدين، اللهم رحمتك بالأسرى والمسجونين، اللهم رحمتك بالأطفال الرضع، اللهم رحمتك بالشيوخ الركع، اللهم رحمتك بالصبية اليتامى، اللهم رحمتك بالنسوة الثكالى، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، خائفون فأمنهم! اللهم زدهم مع الإيمان يقيناً، اللهم ارزقهم الصبر على البلاء، والرضا بالقضاء! اللهم اجعل ما قضيت عليهم من بلاء تثبيتاً لهم وزيادةً في اليقين، ولا تجعله اللهم فتنةً لهم في الدين، يا قوي يا عزيز، يا رحمن يا رحيم! اللهم عجل فرجهم، وقرب نصرهم، وفرج كربهم، وأزل غمهم، وآنس وحشتهم، وسكن عبرتهم، وسكن لوعتهم، وامسح عبرتهم يا أرحم الرحمين! اللهم كثر الأعداء، وقل النصراء، ولا حول ولا قوة لنا ولا لهم إلا بك يا أرحم الراحمين! اللهم إنه ليس لها من دونك كاشفة، اللهم فاكشف عنا العذاب إنا عائدون، اللهم إنا نسألك أن تجعل هذه الأحداث للمسلمين عبرةً وعظةً يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك أن تحسن ختامنا، وأن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك أن تجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين! اللهم احفظ أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل عمل ولاتنا في هداك، ووفقهم لرضاك يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابةً لأمر الله:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦].
وترضوا على الصحابة الكرام، وأخص بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.