ورابعة أيضاً: هي أن الطاعة تجر الطاعة وراءها، وأن العبادة تقود إلى عبادة بعدها، وأن الهداية تفتح أبواباً أكثر من الخير والهدى والنعمة الربانية التي يسوقها الله عز وجل لأهل الطاعة والهداية والاستقامة قال تعالى:{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا}[مريم:٧٦] كلما أقبلت على الله زاد عطاء الله لك، كلما أقبلت على الطاعات شعرت بلذةً وسعادةً وهناءةً في قلبك وفزت بها، كما يقبل الذي قد بلغ به العطش مبلغاً على الماء العذب البارد وهو إليه مشتاق وله محب، وهو من أجله يمكن أن ينتظر وأن يغالب الصعاب حتى يبلغ هذه الغاية.
وحسبنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يبين لنا تلك اللذة العظيمة عندما يقول:(وجعلت قرة عيني في الصلاة) وعندما كان ينادي بلالاً: (أرحنا بها يا بلال! أرحنا بها يا بلال!) أرحنا بهذه الطاعات من عوبة الحياة ومشكلاتها، من عوارضها وشواغلها، اجعل لنا واحةً في هذه الصحراء نتفيأ ظلالها، ونشرب ماءها، ونقطف ثمارها، فتتجدد حياتنا، ويزداد إيماننا، ويعظم يقيننا، ويزداد اندفاعنا نحو الخير، وتتوالى أعطيات الله عز وجل من الهداية:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}[محمد:١٧] لتعلم أنك حينئذٍ في عطاءْ من الله، وفي نعمة من الله ما تزال تتجدد لعجز غيرك من أهل الخسران:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف:١٧٨].