الوجه الثاني: كونه صلى الله عليه وسلم: {أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب:٦] وهذه منزلة عظيمة، أنت الآن قد تدعي أحياناً أنك أولى بابنك من نفسه، فتقول لابنك: أنا أولى بك من نفسك؛ لأني كنت السبب في وجودك؛ ولأنني أرعاك، ولأنني أعرف أموراً أكثر منك، ولأنني أسعى في الدفاع عنك، فأنا قد فعلت لك ما يكون حقي عليك أكثر من حقك على نفسك، قد يتصور الناس هذا، وإن كان لا أحد يقر بأن أحداً أولى بغيره من نفسه، لكن القرآن يقول:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب:٦]، يقول عليه الصلاة والسلام:(أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) متفق عليه، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:(ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)) [الأحزاب:٦]) فهو أولى بنا من أنفسنا، من أين لنا الهداية؟! من أين لنا معرفة الحق؟! من أين لنا النور الذي نسير به في ظلمات هذه الحياة؟! أين حياة قلوبنا؟! أين زكاة نفوسنا؟! أين رشاد عقولنا؟! أين استقامة أعمالنا؟! أين صلاح أحوالنا؟ إن مرجعه إلى ما أكرمنا الله به من الهداية التي بعث بها محمداً صلى الله عليه وسلم، وهو أولى بنا من أنفسنا، وقد ذكرنا في حديثنا عن المحبة: أنه يجب علينا ويلزم أن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حبنا لأنفسنا التي بين جنبينا.