انظر متأملاً إلى صور كثيرة في واقعنا من أجلها وأخطرها المفاهيم المغلوطة، إن أموراً كثيرة تقال اليوم هي مما يخالف المفهوم الصحيح في دين الله، ومن ذلك مسألة الحرية الشخصية، والوصاية الدينية، إن الذين يرتكبون المنكر يخرقون في سفينتنا، إنهم لا يعملون شيئاً يخصهم، إنهم لا يتصرفون في ملكهم، إنهم يتصرفون في أمر نشترك فيه، إن الدين ديننا، وإن الإسلام إسلامنا، وإن الأمة أمتنا، وإن المصلحة مصلحتنا، فلا يقال: إن لأحد حرية شخصية، إن تبرجت المرأة وأظهرت نحرها وذراعيها أو كشفت عن فخذها وساقها فهل نقول: حرية شخصية؟ إنها تعتدي على حرمات الله، إنها تسبب الفتنة في المجتمع، إن الذي يعمل بأمر من الأمور المحرمة شاء أم أبى لن يقتصر أثره العملي فضلاً عن أثره الكوني في سنة الله عز وجل عليه وحده، بل سيتعداه إلى غيره قطعاً وجزماً واقعاً مشاهداً حياً، وهذه مسألة مهمة.
ولذلك تأتينا الوجهة الأخرى إذا جئت تنكر، إذا قلت: لا تشعل النار، إذا جئت لتطفئ؛ قالوا: وما الذي يعنيك من هذا؟ وكيف تجترئ على حرية الناس؟ ويقال لك: لماذا تهددنا بالوصاية الدينية؟ ولماذا أنت الذي تريد أن تكون مهيمناً علينا وكأن عندك تفويضاً ربانياً إلهياً بأن تحكم على الخلق؟ نقول: إن ذلك التفويض موجود حقيقة، وهو معني ومقصود به الجميع بلا استثناء:(من رأى منكم -معاشر المؤمنين والمسلمين- منكراً فليغيره، -على صيغة الأمر- بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) وفي رواية أخرى: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) هذه مهمة من الله عز وجل، ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن عماد ديننا وعموده، فكيف يقال: إننا نقوم بوصاية دينية؟! إنها ليست قضية شخصية، إنها قضية الأمة والمجتمع.