نريد أن نرى كيف كان اليقين بهذا الدعاء يوم كان الإيمان في القلوب راسخاً، ويوم كان الصلاح والاستقامة في الأحوال الباطنة والظاهرة بيناً، فكان أحدهم يدعو جازماً بإجابة الله للدعاء، حتى اشتهر من بين الصحابة رضوان الله عليهم من كان مجاب الدعوة كما في شأن سعد بن أبي وقاص، الذي خاطبه المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال:(أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة)، فسمع سعد رجلاً ينال من علي وطلحة، فنهاه وزجره فلم ينزجر، فقال: اللهم سلط عليه.
فجاء جمل هائج يسير بين الناس، حتى وقع على الرجل بعينه فدكه، ثم داسه بأقدامه حتى قتله.
وسعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة، ادعت عليه امرأة زوراً وبهتاناً أنه أخذ شيئاً من أرضها، فلما خوطب بذلك قال: كيف هذا وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتطع قيد شبر من أرض طوقه يوم القيامة من سبعين أرضين)؟ ثم قال:(اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها)، فعمي بصرها، وسقطت في دارها فماتت.
وأبو معاوية الأسود في مواجهة مع الروم خرج علج من علوجهم، فكان من أشدهم أذىً على المسلمين، فجاء إليه بعض المسلمين وقالوا: هذا فعل كذا وكذا، فادع الله عليه.
فأخذ حربته ودعا وقال:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال:١٧]، ثم قال: أين تريدون؟ قالوا: المذاكير.
فرمى بها فما أخطأ موضعهم الذي قالوه، فقتل الله عدوه سبحانه وتعالى.
ونحن نقول هذا لأن بعض الناس ما زالوا يقولون: وما نفع الدعاء؟ دعونا فلم يجب الله دعاءنا! وما علموا أنهم ما استوفوا شروط إجابة الدعاء، وأنهم قد سدوا طريق الدعاء والقبول بكثير من ضعف اليقين، إضافة إلى الإعراض عن الطاعات، والوقوع في المعاصي والسيئات.
ونحن نقول ذلك حتى نعظم هذا الإيمان في قلوبنا ثقة بالله سبحانه وتعالى، وإفضاءً إليه بمكنون نفوسنا، وضعف حالنا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل عند كل مواجهة لعدوه، وعند كل خطب يحل به.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا البلاء، وأن يكشف الضراء، وأن يلطف بنا فيما يجري به القضاء، ونسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا دوام وإخلاص الدعاء؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.