تعرض كثير من المجلات دائماً جريمة سواء جريمة واقعية من القضاء أو غيره، أو خيالية، وهذا العرض في حد ذاته هو نوع من التعليم والإغراء؛ لأنه يقص الجريمة، وكيف كانت خفية، وكيف عملت، والخطوات، وكذا، ثم أيضاً من خلالها يتعلق الناس بحب الفاحشة والجريمة؛ والله عز وجل يقول:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}[النور:١٩]، فالمعنى في هذه الآية: أن مجرد إشاعة الفاحشة أو قول: إنه حصل كذا وكذا، هذا في حد ذاته يكسر الحاجز في نفوس الناس؛ فلا يهابون مثل هذه الأمور، ولا يعتبرونها خطراً ولا خجلاً، وبالتالي يتعودون عليها شيئاً فشيئاً.
وهذا هو الذي يحصل؛ فإذا كثر ذكر الجريمة في المجتمع تأتي تقول لإنسان: حصل كذا وكذا، فيقول لك: هذا أضعاف أضعافه يحصل، وهذه بسيطة! وكلما كثر تناول هذه القضايا يجعل إحساس الناس يتبلد نحوها، وبالتالي تعظم جرأتهم فيها.
وأذكر أمثلة لذلك: هذه مجلة (حريتي) تعرض مسألة خطيرة، وهي للأسف أيضاً ظاهرة بدأت منذ فترة في مجتمعاتنا، وأرى أنها الآن تستشري، وهي: مسألة انتشار أشرطة الفيديو الجنسية.
وكتبت تحقيقاً عن هذه القضية، وكيف يتم تداولها؟ وكيف كذا؟ لكن الأسلوب كان تحت عنوان: الثقافة السوداء، وهذا هو المصطلح الذي يدور بين هؤلاء الشباب، فالشريط الذي يتداولونه يسمونه شريطاً ثقافياً، ويقول أحدهم للآخر: أنت اليوم مدعو لمشاهدة شريط ثقافي، وهذا مصطلح متداول بينهم لهذا النوع من الأشرطة، فيبين هذا المحقق أو الكاتب كيف يتقابلون؟ وكيف صورة اللقاء؟ وما هي الأسعار؟ حتى تسعيرة الفيلم تختلف؛ فإذا كان نوعه أمريكياً كان سعره كذا، والسعر يكون غالياً إذا كان إنتاجه محلياً إلى آخره!! وكل هذا نوع من التعذيب، وفي نفس الوقت نوع من الإغراء لهؤلاء الشباب الذين يطالعون مثل هذه التحقيقات، إضافة إلى الصور المرافقة لهذه التحقيقات، والحقيقة أن عرض هذه الجرائم إنما هو نوع من الإغراء بها، والتعليم عليها، وكذلك تجد هذه الصورة في كثير من العرض الصحفي أو عرض المجلات التي تعرض هذه القضايا.