[الاستفادة من منهجية أعداء الإسلام تجاه تخوفهم من الإسلام]
ماهي منهجية هذا التخوف؟ الحقيقة أن نفس هذا المنهج ينشأ من نفس منهج المتخوفين هؤلاء، فهم يبدءون بالجمع الشامل لهذه المعلومات والرصد لها.
إذاً: أول خطوة من الخطوات: الجمع لما نسمعه من هذه الأمور.
الخطوة الثانية: الربط فيما بينها؛ لأن القضية حينما تكون جزئية يكون النظر نحوها جزئياً، وحينما تجمع من هنا ومن هنا ومن هنا تعطي صورة متكاملة تبين أن الأمر قد يكون بيت بليل، وأن الأمر قد يكون فيه تنسيقاً بين أطراف متعددة، وأن الأمر يحظى باهتمامات كبيرة إلخ.
الخطوة الثالثة بعد الجمع والربط هي: نقطة التحليل والدراسة والاستنباط.
وهذه الجوانب الثلاثة هي التي عليها التركيز، نحتاج أن نعرفها؛ لأننا نرى أن الآخرين يرون أنها هي العوامل أو النقاط الفاعلة في تحريك العمل أو في تحريك الإسلام ضد أعدائه بشكل قوي.
والنقطة التي بعد هذا التحليل: الاستفادة منه بالجانبين المهمين وهما: جانب تقوية الجوانب التي منها الخوف والخطر عند أعدائنا؛ لأن أعداءنا لا يخشون من شيء إلا وهو في حقيقة الأمر موضع أو سبب من أسباب قوتنا، وأحد مؤهلات تفوقنا وانتصارنا عليهم.
وبالتالي أيضاً: إهمال الجوانب التي لم ترد في تخوفاتهم، بل ربما قبلوها، وربما أيضاً دعموها.
ولذلك ينشأ من هنا التصور الكلي الذي نحتاج إليه، وهو: تقديم أو ترتيب الأولويات، ومعرفة القضايا الثانوية والهامشية التي ينبغي ألا تزاحم ما هو أهم منها، وألا تشغل عن تكريس ما هو أولى في ظهور قوة الإسلام، وأسرع في تقدم خطواته نحو النجاح والنصر والتمكين، وبالتالي هذه الصورة الموجزة يمكن أن نرى أن هذه الصيحات عن التخوف إنما هي ظاهرة صحية بالنسبة للمسلمين؛ لأن عدوهم يخشى منهم، وهذا أمر يدل على وجود ظاهرة إيجابية، والذين لا يخشى منهم -وقد يفرحون بذلك، ويعتبرون أنفسهم حضاريين ومقبولين عالمياً أو دولياً أو غير ذلك- إنما يفقدون في الحقيقة قيمتهم؛ لأن الشعار العربي -وإن كان لا يطبق لكنه يدل على نوع مما يحتاجه الإنسان من وجود أثر فاعل له- هو كما قال الشاعر العربي: إذا أنت لم تنفع فضر فإنما يرجى الفتى كيما يضر وينفع يعني: على أقل تقدير إن لم تكن ذا نفع فضر، بمعنى: أن يكون لك دور، وأن تكون لك قدرة على فعل شيء يحسب له الآخرون حساباً، سواءً كان نفعاً أو ضراً، فهذا يؤكد أن هذا الجانب الذي يفتخر به أصحابه، وأنهم لا يخشى منهم، وأنهم يرحب بهم في كل مكان، وفي كل محفل دولي؛ يدل على هذا النقطة.
آخر مسألة هي: أن أعداءنا عندهم منهجية جيدة في قضية مهمة، وهي: أنهم يضخمون ويخوفون بشكل كبير من الأمر البسيط، ليس ذلك عن جهل منهم، وإنما عن إدراك لطبيعة التطور الذي ينتج عن ذلك، فحينما يحاربون مجموعة إسلامية بسيطة، ويتهمونها بأنها تسعى إلى قلب نظام الحكم، وأن معها خمسة مسدسات أو نحو ذلك، لا نقول: إن هذا من المبالغة، وإنما هو من باب الاحتياطات خوفاً مما يأتي به المستقبل من خلال دراسات ومعرفة؛ لأن التصور يكون في هذا المجال كبيراً ومتنامياً.
فنحن أيضاً نحتاج إلى أن نعرف من هنا أن العمل الإسلامي وإن كان بسيطاً في دائرة معينة فإنه يؤذن له -بإذن الله- أن يكبر، وأن يعظم، وأن يكون ذا أثر فعال في فرص قريبة، ربما أقرب مما نظن.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمكن لدين الإسلام، وأن يجعل هذا التخوف رعباً في قلوب أعداء الإسلام يزعزع قلوبهم، ويكون أحد أسباب النصر الذي كان لمحمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: (نصرت بالرعب مسيرة شهر)، ونرجو أن ينصر المسلمون برعب أعدائهم منهم كما نرى في صور كثيرة.
والله سبحانه وتعالى أجل وأعلم، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.