للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطبتها رضي الله عنها]

ونمضي إلى صورة واسعة هي أوسع الصور فيما ورد من ترجمة فاطمة رضي الله عنها الزوجة الأثيرة ليكون درساً للآباء والأمهات والبنات وللأمة كلها كيف يكون الزواج، وكيف يكون المهر، وكيف تكون الحياة، وكيف يكون تدبير الأمور، ونحن اليوم نعاني ما نعاني من هذه المشكلات التي أورثت خللاً في المجتمعات، والتي ساعدت على شيوع المعاصي وكثرة السيئات، وقللت من الحصانة والعفة وغير ذلك مما نعلمه.

أما خطبتها فقد كانت -على ما رواه ابن سعد في الطبقات- بتدرج وببيان لمكانها ومقامها رضي الله عنها، فقد روي أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا أبا بكر! انتظر بها القضاء) وخطبها عمر فقال له: (انتظر بها القضاء) ثم قال بعضهم لـ علي: اخطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: بعد أبي بكر وعمر؟! فذكروا له قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطبها فزوجه النبي إياها.

وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن حجر بن عنبس قال: (خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي: هي لك يا علي؛ لست بدجال) أي: لست بكذاب.

قال الشراح: وذلك أنه قد وعد علياً بها قبل خطبة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين.

والنبي صلى الله عليه وسلم شاورها واختار لها علياً ربيبه الذي تربى في حجره وعلى نظره، وكان علي يقول: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع سنين لا أصلي إلا أنا وهو.

يعني: قبل أن يفشو الإسلام، وقبل أن تظهر الجماعة، وقبل أن يكون دار الأرقم وغير ذلك.

يقول ابن سعد في الطبقات: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ فاطمة: (إن علياً يذكرك -يعني: يخطبك- فسكتت؛ فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم).

وفيما جاء أيضاً في خطبة علي رضي الله عنه ما رواه بريدة أن نفراً من الأنصار قالوا لـ علي رضي الله عنه: اذكر فاطمة واخطبها، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حرضه نفر من الأنصار، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ما حاجة ابن أبي طالب؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرحباً وأهلاً، لم يزده عليهما، فقال: ورجع، فقال له الرهط: ما قال لك؟ قال: ما زاد أن قال: مرحباً وأهلاً.

قالوا: يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، فلما كان بعد أن زوجه قال: يا علي! إنه لابد للعروس من وليمة).