أقف الآن أمام حقائق واقعية من خلال هذا الاستعراض وهي: أن المسلمين لابد أن يعلموا أن الاحتكام الكامل والاستسلام الكامل لا يكون إلا لشرع الله سبحانه وتعالى، ولا يكون استسلام وقبول لغير حكم الله سبحانه وتعالى من القوانين الوضعية؛ وذلك لأنها تتضمن بعض الفقرات التي تعارض الشريعة الإسلامية مثل: حرية التدين، وحرية الزواج رغم اختلاف الأديان، وغير ذلك من الجزئيات التي فيها معارضة تماماً لنصوص الشرع.
النقطة الثانية: أن هذه القوانين رغم أنها تريد أن تكرس العدل وسيطرة القانون وتحقيق المساواة وإقامة الحرية وإشاعة الديمقراطية، إلا أنها في جوهرها وفي نصوصها من التناقض ما يجعلها لا تستطيع أن تفي بهذا الأمر، بل في نفس قوانينها ما يزعزع الثقة بها، فنفس قضية أو قانون حقوق الإنسان يتضمن مادة عما يسمى بقانون الطوارئ يقول: يستثنى من هذه الحقوق ما يكون من انهيار الحالة الأمنية التي تستدعي الدول إلى إعلان حالة الطوارئ مع التأكيد على عدم زيادة الحد بحيث يكون هناك اعتداء على الحريات الشخصية أو غيرها.
قوانين الطوارئ هذه تفتك بالمسلمين في كل بلاد العالم وفي كثير من ديار الإسلام، وفي كثير من ديار العرب للأسف، وكما هو الحال في مصر قانون الطوارئ مستمر له أكثر من ستة عشر عاماً متواصلة، ويجدد مرة بعد مرة، بينما هذا ينقض هذا الأصل كما هو معلوم.
وهذه القوانين في ذاتها ما ينقضها كما أشرنا إلى حق الفيتو في مجلس الأمن.
النقطة الثالثة: أن الناظر يرى في هذه القوانين عند تطبيقها أنها بالنسبة للمسلمين إما أن قضاياهم لا تحظى بالاهتمام، أو أنها بالعكس تحظى باهتمام مغاير ومعاكس، ويكون التمييز ضدهم واستغلال هذه القنوات والقوانين لسلبهم حقوقهم ولإيقاع الظلم بهم، وهذا ظاهر إلى حد كبير.
النقطة الرابعة: أن هذه الصورة التي عرضنا كثيراً منها في حقيقة الأمر تعطل القضايا وتجعل كسبها لغير صالح المسلمين، وتجعل هذه المباحثات والمداولات نوعاً لكسب الوقت، ليتمكن الأعداء كما حصل في الهدنة الأولى والثانية في فترة النزاع أو القتال بين العرب وإسرائيل في عام (١٩٤٨م).
النقطة الخامسة: أنه بعد استقرار الأوضاع لغير صالح المسلمين تكرس هذه الأنظمة صعوبة التغيير، بمعنى: أن استقرار الأوضاع يبقى التغيير لابد له من قرار، والذي يحاول التغيير المباشر في الواقع العملي لوقوف الطرف الآخر باستصدار قرارات أو باستدعاء الأمم المتحدة مرة أخرى.
النقطة السادسة: أنه ليست هناك جدية في الممارسة التغييرية عند صدور هذه القرارات، بل في الغالب الأعم أنها تكتفي بإصدار قرارات خاصة في قضايا المسلمين، وهذا أمر ظاهر.
النقطة الأخيرة: أن القرارات تتأثر تأثراً كبيراً بالميول العقائدية والمصالح الذاتية للدول وخاصة الدول الكبرى، فلذلك إذا لم تكن للمسلمين قوة في دولهم وقدرة على التأثير فإنه لا يرجى من وراء ذلك خير.