أشير إلى نقطة مهمة أيضاً في طبيعة المعصية وصلتها بالنفس الإنسانية: ينبغي أن نعلم أن هناك مداخل عظمى وبوابات كبرى إذا فتحت فقد انفتحت أبواب وأنواع وأصناف وألوان من المعاصي على الإنسان؛ لذلك يقول ابن القيم رحمة الله عليه: أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاثة: أولاً: تعلق القلب بغير الله.
ثانياً: طاعة القوة الغضبية.
ثالثاً: طاعة القوة الشهوانية.
ثم فصلها فقال: وهي الشرك، الذي هو التعلق بغير الله، والظلم وهو القوة الغضبية، والفواحش وهي القوة الشهوانية.
ثم قال: فغاية التعلق بغير الله الشرك، بأن يدعو معه إلهاً آخر، وغاية طاعة القوة الغضبية القتل، وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا؛ ولذلك جمع الله بينها في قوله سبحانه وتعالى:{وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ}[الفرقان:٦٨].
فهذه أسس هذه المعاصي: تعلق بغير الله، اندفاع مع القوة الغضبية يقع به الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين، اندفاع مع القوة الشهوانية يحصل به إغراق وإسراف في الشهوات والملذات دون مراعاة للمنهيات والمحرمات، وهذه نماذجها: شرك، وظلم، وفواحش، نسأل الله عز وجل السلامة.