لقد كانت المرأة كالرجل في ميدان التنافس على طاعة الله عز وجل، وهذا الحديث الصحيح يبدي لنا صورة مشرقة من هذه الصور، وهو حديث زينب (لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم ورأى حبلاً معلقاً، قال: ما هذا؟ قالوا: حبل لـ زينب تصلي، فإذا فترت أو تعبت تعلقت به.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ليصل أحدكم نشاطه، فإذا تعب فليرقد) وفي بعض الروايات عنه عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يمل حتى تملوا).
الصورة هي ذلك الحرص العجيب من زينب رضي الله عنها في عبادتها لله عز وجل، وقيامها الليل، ومبالغتها في أمر العبادة حتى على حساب راحتها، فهذا درس للمرأة التي تقضي ليلها في السهرات والزيارات، وربما مشاهدة الأفلام والتمثيليات، وربما في الغناء والرقصات، وكذلك ذكرى للرجل الذي قد ينظر إلى المرأة أحياناً نظرة احتقار وينام هو وإذا بزوجته قد قامت لتتوضأ وتصلي صلاتها وتؤدي وترها، وهذا يقع كثيراً، فإن كثيراً من الرجال الصالحين يرجع إلى بيته وقد ذهب هنا وهناك في بعض أمور الخير وفي بعض الأمور التي فيها تفريط وضياع للأوقات، فيأتي وينام والمرأة هي التي تقوم وتصلي في كثير من الأحوال، فلا ينظر إليها نظرة احتقار مع تقصيره هذا.
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل والمرأة ليكونا شريكين في هذا، كما في سنن أبي داود:(رحم الله امرءاً قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرأته، فإن لم تستيقظ نضح عليها شيئاً من الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها، فإن لم يستيقظ نضحت عليه من الماء).
هذه الصورة هي صورة المشاركة ومعرفة منزلة المرأة وسبقها في كثير ممن أبواب الخير وحرصها عليه، والذي يغلب على النساء -إن كن على خير وصلاح- أنهن في شأن العبادة أكثر سبقاً من الرجال، فإن البيئات التي فيها التزام نجد المرأة في غالب الأحوال أكثر قراءة للقرآن، وأكثر حرصاً على النوافل والرواتب، وأكثر توجهاً للبذل والإنفاق، وأكثر حرصاً على الذكر والدعاء.