أيها الإخوة الأحبة! هنا أمر أشير إليه وأنبه عليه: وهو حقيقة قرآنية وسنة إلهية ينبغي أن نعيها وأن نعرفها، يقول الله جل وعلا:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:١٢٤] وفي شطر هذه الآية الأول أن كل إعراض عن ذكر الله وكل مخالفة لشرع الله إنما هي ضنك في العيش، ولست أقارن، ولست أذكر أمور الدول الإسلامية أو دول العالم الثالث أو الدول النامية أو النائمة كما تسمى، وإنما نذهب إلى الدول التي طبقت مثل هذه التوصيات ردحاً طويلاً من الزمن، فهل انتهت عندهم مشكلة البطالة أم ما تزال في تزايد مستمر؟! وهل انتهت مشكلة الجريمة أم أن هذه الأمور من أعظم أسباب قوة الجريمة وفشوها؟! وهل انتهت عندهم مشكلات الاعتداء الإجرامي على الأطفال وعلى النساء؟! وانظر إلى ما عندهم من الأرقام والإحصاءات لتعرف حقيقة الأمر، وأن البلاء موكول بكل ما يخالف أمر الله سبحانه وتعالى؛ لأن أمر الله هو الذي يطابق الفطرة البشرية، وهو الذي يوافق الكرامة الإنسانية، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}[الإسراء:٧٠] هكذا يبين الله عز وجل لنا شرف الإنسان وكرامته، ويبين لنا أن خسته ودناءته إنما هي في بعده عن أمره سبحانه وتعالى.
ونحن نسمع ونعرف ونقرأ ما في المجتمعات الغربية من صور الانحلال التي يعف اللسان عن ذكرها مما لا يتصوره عقل إنسان، ولا ترضى به فطرة سوية بحال من الأحوال، حتى جاءوا بأمور يعجز الإنسان عن تصورها وتخيلها من ممارسة الجنس مع البهائم والحيوانات وغير ذلك من الصور القبيحة، ثم ما ترتب على ذلك مما يعارض التنمية، فجاءت الأمراض الفتاكة التي صرفت ولا تزال تصرف عليها الملايين والملايين دون أن تتحقق نتائج إيجابية في العلاج والتطبيب، وكل ذلك وما يلحقه من نفقات على الإجرام وما يلحقه من نفقات على البطالة وما يلحقه من غير ذلك هو الذي أدى بما يعرف بالتضخم، وأدى إلى زعزعة الوضع الاقتصادي في الدول ليست النامية وإنما الدول المتقدمة.