نشأ عن الطعن في الدعاة حيرة واضطراب عند كثير من الشباب، فهو يقول: هذا مخالف، وهذا يقول كذا، حتى إن بعض الدعاة، أو بعض أهل العلم يذكر بعضهم في بعض قولاً.
ونقول: من رحمة الله بهذه الأمة أن جعل لها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل لها إجماع الأمة، وجعل لها من الأئمة الذين في قولهم كثير الصواب، ويقل عندهم الخطأ.
وأيضاً جعل للإنسان الدعاة الذين يستعين بهم على معرفة الحق من الباطل، وعلى أن يثبته الله سبحانه وتعالى على الصواب.
وكذلك ينبغي للإنسان ألا يكون متسرعاً، بمعنى: ألا يأخذ الحكم سريعاً، بل ينبغي له ألا يكون ضيق النفس يريد أن يصل إلى حل مشكلة خطيرة في دقائق وثوان معدودة.
وكذلك ينبغي له أن يتجرد من ضعف الشخصية التي تجعله تبعاً لغيره، يقول له: يمين، يقول: نعم، اليمين صحيح، فإذا قال: شمال، قال: الحكمة في الشمال، إذا قال: إلى أعلى، قال: ليس هناك أفضل من مثل هذا! لا يكن أحدكم إمعة، لا تقلد الناس في دينك، بل ينبغي أن تكون -مع توقيرك ومحبتك لمن تثق به- صاحب بصر وصاحب نظر، والإنسان عنده في نفسه وإيمانه ما يكون كاشفاً له من القول الناشئ عن الحسد، أو عن الاختلاف، فيعرف مثل هذا ويكتشفه، قال معاذ رضي الله عنه:(إن على الحق نوراً يدل عليه).
فليس كل قول ينبغي أن يأخذه الإنسان ويتبعه، والحيرة والاضطراب تزول بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى العلماء الذين يستنبطون الأحكام من الشرع، ويبينون مثل هذه الفتاوى التي تصدرنا بها هذا القول، فإن كثيراً من الحيرة والاضطراب تنشأ عندما يجعل الإنسان دينه هبة لكل أحد، فهو يستفتي أي أحد، أو يستفتي من هو أسبق منه بيوم في الاتباع، أو زميله في المدرسة، بل ينبغي أن يرجع إلى الراسخين في العلم الذين عندهم أمران مهمان: غزارة علم، وعمق تقوى لله عز وجل.
فالأمر الأول: يعصم من الخطأ والضلال.
الأمر الثاني: يعصم من الانجراف وراء الأهواء والعصبيات، ولا بد أن يجتمع الأمران.
والله سبحانه وتعالى نسأل أن يزيل عنا أسباب الحيرة بما في نور القرآن ونور هدي النبي صلى الله عليه وسلم.