صحفة أخرى تبين لنا كيف يودع المرء دنياه، وكيف يستقبل أخراه، وكيف يجتهد على أن يخرج كفافاً من الدنيا، لا يحمل ما قد يكون فيه حساب أو عليه عقاب، بل يبرأ مما هو أقل من ذلك، ليكون أصدق في تبرئه من كل شبهة، أو من كل مال وعرض من الدنيا قد يكون بغير حق.
ثم نرى كذلك ما سأل عنه أبو بكر رضي الله عنه في ذلك اليوم الذي قضى فيه نحبه:(أي يوم هذا؟ قالوا: يوم الإثنين، قال: هو اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: كيف كفنتموه؟ ثم أوصى بكفنه في أثوابه، قالوا: إن عندك جديداً من الثياب! فقال: الحي أولى بالجديد).
وقضى نحبه في يوم الإثنين، الثاني والعشرين من شهر جمادى الآخرة، عام ثلاث عشرة للهجرة وهو يعطي الدرس والعبرة في رجل عظيم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، نسأل الله عز وجل أن يجعله في عليين، وأن يلحقنا به مع المخلصين الصادقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.