[أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إصلاح أوضاع الأمة]
إن الأوهام لا تعيش في وجود الحقائق، وإن الظلمات لا تبقى عندما يكون هناك النور والضياء، فينبغي أن نسعى لمثل هذا الأمر والعمل، وأن نشيع الخير والذكر، وتلاوة القرآن، وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودروس العلم، ومحاضرات الخير، والدعوة إلى الإصلاح؛ لأن هذا مما يقوي رجوع الأمة إلى دينها واستمساكها بنهج ربها، إنها أعمال كثيرة لا ينفك عنها واجب مسلم مطلقاً، فلا يقل أحد: ليس علي واجب، وماذا أصنع؟ إن إصلاحك لنفسك ولأسرتك، ومنعك للمنكرات في بيتك وفي بيئتك إنما هو تقديم سبب من أسباب النصر الذي يتنزل على المؤمنين، إن العيب فينا؛ إن كثيراً من أحوال المسلمين في كثير من بقاع الأرض هي السبب الأساسي والرئيسي الذي وقع به عليهم هذا البلاء في كثير من بلاد الإسلام والمسلمين، أليست كثير من بلاد المسلمين لا تحكم شرع الله، وتعلن الحرب ببعض المفاسد الظاهرة على الله سبحانه وتعالى، وتتبع في ولائها وبرائها منهجاً لا يرتبط بدين الله سبحانه وتعالى؟! هذه هي الأسباب التي ينبغي أن نعالجها، ولا تقل: لا أستطيع، فإنك تستطيع، فإذا وجد أن أمراً معيناً في نفسك وأهلك عجزت عنه فأنت عما سواه أعجز، فإنها أوهام يحوكها الشيطان في عقولنا لنتقاعس، ولكن الواجب لا يمكن أن يكون بعيداً عن كل إنسان بذاته في نفسه ومن ولاه الله سبحانه وتعالى أمرهم، فإذا صلحت هذه الأحوال أوشك -بإذن الله عز وجل- أن تصلح حال المجتمعات والأمة الإسلامية كلها، ولذلك ليست القضية في القوة، وليست القضية في السلاح، ولا في كثرة عدد المسلمين، وإنما هي قوة الإيمان أولاً، ثم قوة التلاحم والتماسك والأخوة الإسلامية والرابطة العقدية الإيمانية ثانياً، ثم بعد ذلك وجود أسباب الإصلاح والعمل الجاد بدلاً مما كانت ولا تزال عليه صور بعض المجتمعات الإسلامية، قال الشاعر: تركنا كتاب الله بحراً ونستقي غديراً كما يسقي من البئر مائح رمينا وراء الظهر سنة أحمد تركنا هداها وهو كالبدر لائح وها نحن نستجدي من الغرب شمعة فلا الغرب معط ولا الشرق مانح مدابغ للتبشير في كل مركز من الوطن المكلوم وهي ذبائح مساجدنا تبكي الشباب من الجفا وغصت بهم دور الخنا والمسارح مدارسنا ماجت بكل ملوث يصاب بعدواه الحجا والجوارح فكثيرة هي مظاهر الانحراف في مجتمعات ودول الإسلام في شرق الأرض وغربها، ولذلك ينبغي أن نئوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن نعمل جاهدين على إقامة الإسلام في نفوسنا، وبيئاتنا، ومجتمعاتنا، وأن نكون عوناً على ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى، والفجر -بإذن الله- قادم، وإرهاصاته ظاهرة، ولكنها محن يبتلي الله بها المؤمنين ليميز الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم، إنها فتن الابتلاء، قال سبحانه وتعالى:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران:١٧٩] أي: حتى تظهر المعادن الأصيلة، والمعاني النبيلة، وتتميز الصفوف من العناصر الدخيلة، ومن المنافقين وأصحاب الأهواء والمنافع؛ إنها محن تحيي الإيمان بإذن الله، وتدفع إلى الوحدة بإذن الله، وتقود -بإذن الله عز وجل- إلى نصر قريب، أليس الصبح بقريب؟! فهذا هو الأمل الذي ننتظره، والأمل يحتاج إلى عمل، فلابد أن ننظر في الآلام إلى الآمال، ولابد أن تقودنا الآمال إلى كثير وكثير من الأعمال، والله أسأل أن يلطف بإخواننا المسلين في شرق الأرض وغربها.
اللهم إنك العالم بالسرائر، والمطلع على الضمائر، اللهم قل الناصر، واعتز الظالم، وأنت المطلع الحاكم، بك نعتز عليهم، وإليك نهرب من بين يديهم، مال الناس إليهم، وتوكلنا عليك في إنصافنا منهم عليك، وتوكلنا في إنصافنا منهم عليك، ورفعنا ظلامتنا إلى حرمك، ووثقنا في كشفها بكرمك، اللهم لا حول ولا قوة لنا إلا بك، اللهم سدت الأبواب إلا بابك، وانقطعت الأسباب إلا أسبابك، اللهم قل الناصر، وعز المعين، وكثر الظالم، وبغى الأعداء، اللهم فأنزل على المؤمنين نصرك المبين، اللهم ثبتهم على الحق يا رب العالمين! اللهم رحمتك بإخواننا المضطهدين والمعذبين، اللهم رحمتك بالمسلمين المشردين والمبعدين، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جياع فأطعمهم، خائفون فأمنهم، مشردون فسكنهم، اللهم ثبتهم على الحق يا رب العالمين! اللهم ثبتهم على الدين، وارزقهم الإيمان واليقين، اللهم اجعلهم ممن يرضون بقضائك، وممن يثقون بنصرك يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك أن تؤلف بين قلوب المسلمين، وأن تصلح ذات بينهم، وأن تزيل منهم أسباب الشحناء والفرقة والبغضاء.
اللهم ألف على الحق قلوبنا، اللهم ألف على الحق قلوبنا، اللهم ألف على الحق قلوبنا، واجمع على نهج الصراط المستقيم آمالنا وأعمالنا برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم وفق ولاة المسلمين لتحكيم شرعك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم وفق ولاة المسلمين لكل ما تحب وترضى، اللهم وأبعدهم عما لا تحب ولا ترضى.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم إنا نسألك حياة السعداء، وعيش الأتقياء، وموت الشهداء برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء نجاة وعافية، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك أن تنزل علينا الرحمات، وأن تفيض علينا البركات، وأن تضاعف لنا الحسنات، وأن ترفع لنا الدرجات، وأن تقيل لنا العثرات، وأن تمحو عنا السيئات، وأن تغفر اللهم لنا ما مضى وما هو آتٍ برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! ثبت خطوتهم، وسدد رميتهم، وأعل رايتهم، ووحد كلمتهم، وقو شوكتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا أرحم الراحمين! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ودمر الكفرة وسائر أعداء الدين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، وأرنا فيهم يوماً قريباً أسودَ، يا قوي! يا عزيز! يا منتقم! يا جبار! يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء! نكس وجوههم، وأذل أعناقهم، ونكس راياتهم، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، يا منتقم! يا جبار! يا عزيز! اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين! واجعل خير أعمالنا خواتمها يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦] وترضوا على الصحابة الكرام، وأخص منهم بالذكر ذوي القدر العلي والمقام الجلي وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين! والحمد لله رب العالمين.