[ركائز التفوق الدراسي والإبداع والابتكار للشباب]
الصورة الثانية: الشباب والتفوق الدراسي، ونحن اليوم نرى نسب الرسوب كثيرة، والناجحون يقنعون بالقبول، ونسأل الله القبول كما يقولون، وقلة قليلة من الشباب تحقق نتائج متميزة، وقلة من هؤلاء المتميزين من يستمرون أو يبدعون أو يبتكرون، وتأتي أمتنا من بعد في ذيل القائمة تخلفاً علمياً وتقنياً؛ لأن الشباب انصرفوا عن هذا الميدان في التفوق الدراسي والعلمي والتقني، وانشغلوا بسفاسف الأمور، وبمفسدات العقول، وبمضلات الفتن نسأل الله عز وجل لنا ولهم السلامة.
هذه الجوانب والركائز أجملها في أمرين اثنين، في كل منهما نقاط يسيرة: الجانب الأول: البواعث والعوامل لهذا التفوق.
أولاً: الثقة مبعث القدرة: فالثقة بالنفس مبدأ مهم، حتى تستطيع أن تبدأ في خطوة الإنجاز الأولى، وكثير من الشباب -بل كثير من قادة الرأي أحياناً- يرون أنه لا يمكن أن يكون عندنا متفوقون كالغربيين أو الشرقيين، وأن العبقرية والعلم والاختراع لم تخلق لنا، وإنما خلقت لأناس ليسوا من بيئتنا، وبهذا نحطم شبابنا، ويتحطم الشاب إذا لم يكن عنده ثقة في نفسه بأنه يمكن أن يكون متفوقاً، وأن يكون عالماً، وأن يكون مبدعاً، وأن يكون مخترعاً إلى غير ذلك من الأمور، فالثقة مبعث القدرة.
ثانياً: التشجيع محفز الارتقاء: لابد أن نشجع أولئك الأبناء على هذا التفوق تشجيعاً تربوياً متوازناً، ونجعله متكاملاً، فوسائل الإعلام عليها ألا تشجع على اللهو والعبث وضياع الأوقات في جوانب معينة، وألا تقدم القدوات على أنهم أصحاب جرة قلم أو ركلة قدم أو رنة نغم أو غير ذلك، بل تقدم النماذج والقدوات التي تشجع على التفوق الدراسي والعلمي والإبداعي، فلابد أن يكون هذا التشجيع على كل المستويات، حتى يكون عاملاً محفزاً للارتقاء.
ثالثاً: الانتباه قدرة على التركيز: وهذه من مهارات التعلم، لابد أن يكون الطالب أو الشاب منتبهاً متيقظاً مركزاً؛ حتى يستطيع باستمرار أن يُحصِّل بسماعه سواء في محاضرة أو في حصة في فصل دراسي أو في مجمع عام، وأن يكون دائم الانتباه والتركيز ليضيف إلى حصيلته من العلم ما يجعله متفوقاً.
رابعاً: الذكاء قدرة الاستنباط: فلابد من إعمال العقل لتقويته وشحذه، حتى يكون عنده المقارنات، وتكون عنده المفارقات، ويكون عنده القدرة على الاستنباط والتحليل، والعقل بطبيعته كلما شغلته زادت قدرته، وكلما تركته ضعفت قدرته، كما يقولون -للأسف- في بعض النكات ليشيروا إلى وجه النقص: إن هناك عقولاً للبيع فيقول: هذا عقل مستهلك استخدم كثيراً، وكذا، ثم إذا جاء إلى العقل العربي قال: هذا عقل نظيف، لم يستخدم أبداً، تأخذه طازجاً؛ لأنه لا يشتغل أو لا يفكر أو لا يعمل عقله أو لا يستحضر ذكاءه! وهذا أيضاً مما ينبغي تجنبه.
خامساً: الذاكرة قدرة على الحفظ، والحفظ مهم في العلم مع الفهم، ويخطئ من يقول: إن الفهم يستقل لوحده.
سادساً: الإرادة قدرة على التفوق بالعزيمة الماضية.
الجانب الثاني: الطريق المتجرد: وله خطوات: أولها: الإنصات وهو طريق التعلم، والقراءة، وطريق التقدم والكتابة، وطريق التمكن والدراسة، وطريق التفنن والتعبير والإبداع، وطريق التألق.
ولابد من كل هذه المهارات، ونحن نريد لشبابنا أن يأخذوا بهذا وأن يحرصوا عليه، وألا تكون هذه الحالة التي نعاني منها، ولا شك أننا نشعر بضرورة التكامل بين الجوانب المختلفة السيئة التي أسلفناها والحسنة التي أخرناها، فإن هذه لا تكون إلا بتجنب تلك، وإن وجود تلك سيفضي بنا إلى عدم تحقيق هذه.
نسأل الله عز وجل أن يحفظ شبابنا، وأن يحفظنا جميعاً من مضلات الفتن ونزغات الهوى ووساوس الشياطين وقرناء السوء.
ونسأله عز وجل أن يحفظ إيماننا، وأن يجعلنا من عباده الصالحين المخلصين، وأن يكتبنا من ورثة جنة النعيم، وأن يحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.