[خطر الخادمات على الجوانب الأسرية]
الخطر الرابع: ما يتعلق بالناحية الأسرية, فإنها أيضاً تشكل مخاطر على الأسرة بشكل عام بعيداً عن هذه الجوانب التي أشرنا إليها, ومنها: انعدام الشخصية في الطفل، فيصبح الطفل معتمداً اعتماداً كلياً على الخادمة، ولا ينشأ شخصية يمكن أن تعتمد على نفسها.
ومنها: ضعف العلاقات الأسرية بين الأفراد، فكل فرد من أفراد الأسرة له علاقة واعتماد على الخادمة أكثر من الآخرين, فالزوج يتعامل مع الخادمة أكثر من معاملته مع زوجته, والزوجة تتعامل مع الخادمة أكثر من تعاملها مع زوجها, والابن يتعامل مع الخادمة أكثر من تعامله مع أبيه ومع أمه, فإنه يسألها عن الذين ذهبوا والذين حضروا، ومن هو موجود، ومتى خرج، ومتى دخل، ويسألها إذا أراد طعاماً أو شراباً, ويسألها إذا أراد أي أمر من الأمور، وبالتالي تتقطع الأواصر بين الأسرة، وتصبح هذه الخادمة هي الوسيط، حتى إن الخادمات أصبحن يقمن بحل المشكلات بين الزوج والزوجة، أو بين الأبناء والآباء، وإذا غضبت البنت فإن الزوجة أو الأم توسط الخادمة حتى تهدئ البنت وترضيها ونحو ذلك، وأصبحت الخادمة هي المحور الأساس في الأسرة, وبالتالي تستطيع أن تمارس الدور بقوة, بل بالفرض أحياناً وبالتهديد الإجباري بالرضوخ لأوامرها والاستجابة لها, لا سيما إذا كان عندها من المواقف والأحداث ما تمسكه وتهدد به المرأة أنها قد تكشفها أمام زوجها, أو الزوج أن تكشفه أمام زوجته، أو الابن أو البنت ونحو ذلك من الأمور.
وكذلك إثارة المشاكل قد تتولد بسبب الخادمة بين الزوج والزوجة, فهو يقول لزوجته: لماذا الخادمة أحسن منك؟ وهي تقول له: أنت دائمًا تنظر إلى الخادمة.
فصارت الخادمة هي مسار الخلاف والنزاع باستمرار, وربما لو أخرجت لكانت بمثابة نزع فتيل الاشتعال.
والنقطة الأخيرة في مسائل الخادمات: ما يتعلق بالتأثير على المجتمع، فالقضية ليست قضية الأسرة كما أشرت, وإنما القضية أنه داء قد يعم الآخرين, من ذلك انتشار الجريمة وفواحش الزنا على وجه الخصوص، فإن الخادمات يمارسن الفواحش، سواء مع السائقين أو مع العاملين أو مع الراغبين، ويبعن أعراضهن بثمن بخس، كما يحصل في كثير من الوقائع، فإن وجودهن بلا أزواج وبلا ضوابط إيمانية أو ضوابط أخلاقية يجعلهن بمثابة سوسة تنخر في كيان المجتمع كله.
ومن الجرائم أيضاً السرقة، فكم نسمع أن خادمة سرقت, وأن خادمة نهبت، ويحصل بذلك كثير من المشكلات.
وتتدرج الجرائم فتصل إلى حد القتل, وكم قرأنا عن خادمة جاءت على أهل البيت عن بكرة أبيهم وذبحتهم واحداً واحداً! لأنها تعرف وقت نومهم, وتعرف مفاتيح أبوابهم, وتعرف مواطن ضعفهم، لأنها قد يكون لها غرض في سرقة أو غرض في انتقام أو نحو ذلك.
وفي مسألة المجتمع إفساد الذوق العام, وتحطيم العرف الشرعي, فيمكن أن تجد في الأسرة أن البنت تتحجب ولا تختلط, لكن الخادمة نوع آخر, ونجد أيضاً نساءً في الشوارع أو في الأسواق قد يتحجبن، لكن نجد المرأة بجوارها خادمتها ليست متحجبة, وهذا نوع من التحطيم للعرف الشرعي وللآداب الشرعية, ونوع من إفساد الذوق العام في الظواهر الاجتماعية في الأسواق وفي المجتمعات وفي المناسبات وغير ذلك من الأمور.
وقد أطلنا في هذا الجانب لأنه أكثر الجوانب حيوية, وأكثرها خطورة في نفس الوقت.