[أهمية الوقوف أمام أعداء الله عز وجل ودحر مخططاتهم]
هذه القضايا الثلاث -كما أشرت- هي محور هذا الهجوم بشكل واضح وسافر؛ ولذلك ينبغي للمسلم أن يتنبه إلى هذه الظاهرة.
والذي يتأمل في هذه الدعاوى يجد أنها ساقطة، وسقوطها سهل التوضيح لمن كان متربياً وعارفاً بالقرآن والسنة؛ لأنها أمور بدهية في هذا الدين، فحينما نقول مثلاً: إن هذا الدين بالنسبة لشموليته لهذه الحياة ينتظم جميع الجوانب حتى الجوانب السياسية نجد أن هناك معالم كاملة وشاملة تدل على هذا الأمر، وليس مجرد إطلاقات عامة؛ فإننا نجد -على سبيل المثال- في سورة التوبة أنظمة متكاملة في السلم والحرب، والمعاهدات والمعاقدات بين الدول، وهكذا قضية التعامل مع الأنظمة الأخرى.
وكذلك نجد أن قضية ارتباط الحكم بالدين واضحة في كثير من النصوص القرآنية التي تؤيد ذلك، سواء مما يذكره القرآن من قصص الرسل والأنبياء، كقصة داود عليه السلام أو مما يقرره القرآن بذاته؛ فإننا نجد أن هناك صورة متكاملة لا تخفى على الإنسان حينما يتلو آيات القرآن.
وأما جعل نصوص القرآن تتعلق فقط بالحوادث التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنها فقط جاءت في ظل الظروف التي كانت للمسلمين فهو نوع من إلغاء استمرارية القرآن الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩]، وكذلك في هذا إبطال لقول الله سبحانه وتعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨]، وكذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من ختمه الرسالات، وأن هذا الدين وهذا القرآن هو الخالد الباقي إلى قيام الساعة.
وكذلك القضية الثانية نجد أن الواقع التاريخي فضلاً عن النصوص المتكاثرة القرآنية وأكثر منها نصوص السنة؛ تؤكد جانب تطبيق الشريعة الإسلامية، وأن الإسلام جاء بتفصيل كثير من الأحكام في جوانب الحياة كلها، سواءً الجوانب الاقتصادية أو غيرها؛ فنجد النصوص في كتب الفقه تستشهد بالآيات القرآنية في تحريم الربا وفي الأمور الأخرى المتعلقة بالبيع وبالشراء والمداينة وغير ذلك، وتأتي نصوص السنة لتبين الأمور الأخرى التفصيلية، مثل: الرهن، والشفعة وغيرها من الأحكام، ففيها تدقيق وتفصيل كامل.
ثم نجد أيضاً أن القرآن جاء بتفصيلات دقيقة فيما يتصل بالعلاقات الاجتماعية من الزواج والطلاق والرجعة والنفقة ونحو ذلك، وهكذا فصلتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ونجد كذلك أن الجوانب الأخرى المتعلقة بجانب العقوبات أيضاً جاءت فيها الحدود، مثل: حد السرقة، وحد الزنا، ففيها تفصيلات دقيقة لا تحتمل المغالطة أو المواربة.
فهذه التفصيلات مذكورة في كتب الفقه التي هي من أعظم الكتب وأكثرها؛ فإن أغزر ما كتب المسلمون هو في الفقه وفي الفروع الفقهية التي ضبطت في ظل النصوص الإسلامية القرآنية والنبوية الصريحة، أو في ظل الاجتهادات وفق قواعد وأصول معينة تستند إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما تجد حكماً ولا قضية إلا وتجد في الكتب الفقهية الموسعة تعريجاً عليها، وتفصيلاً لها، ووضع ضوابط لفروعها في ظل هذه النصوص من القرآن والسنة.
ثم كذلك نجد أن التطبيق العملي في التاريخ الإسلامي كله يبرهن على هذه القضية، وأن النبي عليه الصلاة والسلام طبق شريعة الله سبحانه وتعالى في شتى المجالات.