أولهما: الصلة بالله عز وجل، فإنه لا يمكن للإنسان المسلم أن يواجه الباطل، ولا أن يقف في وجوه الأعداء، ولا أن يتغلب على شهوات النفس، ولا أن يستعلي على فتن الدنيا، إلا أن يكون موصول الحبل بالله عز وجل.
فهذا النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن أكرمه الله تعالى بهذه النبوة وهذه الرسالة بقي مشدوداً بهذا الحبل المتين في الصلة بالله عز وجل، تلك الصلة التي تجعل المرء كلما احلولكت في وجهه الظلمات، وسدت في وجهه الأبواب، وجد أن النور والشعاع والضياء فيما عند الله عز وجل، ووجد أن الفرج والتنفيس والنصر من عند الله عز وجل، كما ورد في قوله سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران:١٧٣].
وهذه الصلة بالله عز وجل هي الأساس المكين، والركن الركين الذي يقوي الإنسان المسلم، فيجعله في صورة يستطيع بها أن يطبق هذا الدين، وأن يسعى فيه، وأن يثبت عليه بإذن الله عز وجل، أضف إلى ذلك أن هذه الصلة هي التي تفرغ في قلبه السكينة، وتنشئ في نفسه الطمأنينة، وتجعله مُطمئن البال، مجتمع الفكر، فليس عنده حيرة ولا اضطراب ولا قلق، ولا نوازع نفسية، ولا أمراض قلبية، ولا غير ذلك مما يعتري الناس عندما لا يركنون إلى الله عز وجل، وعندما يركنون إلى هذه الدنيا، أو يخافون من البشر، فإذا بهم قد تفرقت بهم الأهواء، وقد انخلعت قلوبهم خوفاً، وقد تفرقت نفوسهم في شعاب الأرض تطلب كل جهة، أما المؤمن فينطبق فيه قول الله عز وجل {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨]، فهو راسخ إلى هذا الوعد الرباني، وإلى هذا الزاد الإيماني الذي تمثل في هذه الصورة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأمر الصلة بالله أمر طويل، وقد سلف لنا فيه حديث عندما تحدثنا عن التربية الإيمانية، ونحن نعلم الزاد الإيماني الناشئ عن العبادة والصلة والخضوع والذلة والابتهال والدعاء والمناجاة لله سبحانه وتعالى.