للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الكياسة]

وأما الكياسة فهي أصل يدل على ضم وجمع، ومنه الكيس الذي تجمع فيه الأشياء، والكيس في الإنسان ضد الخرق أو ضد الحمق؛ لأنه -كما قال ابن فارس في معجمه- مجتمع الرأي والعقل، والكياسة: هي خلاصة الرأي والعقل، ولذلك يقولون: الكيس: العقل والفطنة والفقه.

والكيس في الأمور يجري مجرى الرفق فيها، والكَيّس هو: الظريف الخفيف المتوقد الذهن، ورجل كيس الفعل: أي: حسنه.

ومن هذه الومضات أيضاً ننتهي إلى خلاصة نقول فيها: إن الكياسة هي عقل وفطنة تقود إلى الرفق في الأمور والإحسان في أدائها دون حمق.

وإذا نظرنا إلى هذه المعاني فسيتبين لنا أنها ليست متقابلة، بمعنى: ليست متضادة، وإنما كل منها يعطي دلالة في جانب من الجوانب، فجانب الحماسة متعلق بالعاطفة والشعور والحمية، وجانب الكيس والكياسة متعلق بالعقل والرفق والرشد، ولا يعني أن يكون العاقل ليست له عاطفة، ولا يعني كذلك أن يكون المتحمس طائشاً لا عقل له ولا رشد عنده، وهذا هو الذي نريد أن نعالجه، أو هذه -إذا صح التعبير- هي المعادلة التي نحب أن يكون في طرفيها اتزان كما هو شأن المعادلات كلها.