للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصص مبشرة بانتشار الإسلام]

أشرع في ذكر بعض قصص عرفتها أو لامستها من خلال زيارات ميدانية، جوزيف رجل نصراني نشأ في ظلال الكنيسة التي تعطي طعاماً لبطون جائعة فارغة، وكساء لأجساد ناحلة عارية، ودواء لأجساد سقيمة بالية، وخدمات تجعلهم لا يملكون إلا أن تخفق قلوبهم بالشكر والحمد لمن يقدم لهم ذلك، ثم بالموافقة والمتابعة له؛ وقد تقدم هذا الرجل في النصرانية، وبلغ شأواً عظيماً حتى بعث إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل -وقد حصل- على درجة الماجستير في علوم اللاهوت والكنيسة، وفي أثناء دراسته تلك وبحكم التخصص كان يمر على موضوعات فيها مقارنة بين الأديان، ويقرأ من الكتب ما لا يجد فيه سطراً أو كلمة تذكر الإسلام بخير مطلقاً؛ وغريزة البحث ومعرفة بعض أسباب التناقض في تلك الديانات المحرفة قادته إلى أن يبحث أكثر عن الإسلام بنفسه، وبتوفيق من الله جل وعلا لم يكن ثمة من تقدم له بدعوة، ولا من أهداه كتاباً، ولا من ناظره في مسألة، وإذا بنور الحق يبدد ظلمات الظلم، وإذا به يدخل الإسلام ويعلن إسلامه ويشهره؛ لتسلب منه سيارته، ويقطع راتبه، وتلغى امتيازاته، ويصبح اليوم لا يملك مالاً يدرس به أبناءه، وله الآن ولدان في بيته لا يخرجان للدراسة والتعلم، أي شيء صنع هذا الرجل؟! ورغم كل هذه الظروف قد نذر نفسه أن يدعو في داخل الصفوف المسيحية الكنسية من أبناء جلدته وبلدته، وإذا به يدخل في الإسلام المدير العام للمناهج في الكنيسة، المسئول الأول عن التعليم المنهجي للكنائس المختلفة يدخل في الإسلام بدعوة قسيس سابق حائز على درجات علمية عالية في تخصص اللاهوت الكنسي، ويمضي وراء ذلك وإذا به يكتسب من هؤلاء واحداً إثر واحد، وهو إلى اليوم هذا لا يملك ما يدرس به أبناءه بعد أن كانت عنده من الامتيازات والحظوة ما عنده!! وأحسب أنني في غنىً عن التعليق، وسأزيدكم من ذلك الكثير والكثير.

وهذا جونماريبوبو قسيس نصراني أفريقي، وصل إلى مرتبة رئيس الأساقفة في بلد أفريقي، يقول: من خلال المقارنة في بعض الأبحاث العلمية، ورؤيته للمظاهر التي يؤديها المسلمون في صلاتهم وبعض عباداتهم ومناسباتهم قال: وجدت أن عقلي يدعوني، وقلبي يوافقني، ونفسي تطاوعني أن هذا الإسلام هو الحق؛ فأسلم وأشهر إسلامه، ومنذ إسلامه إلى يوم الناس هذا أسلم على يديه نحو خمسة آلاف إنسان من أولئك الذين اجتالتهم عن الحنيفية السمحة وأصل الفطرة تلك الجهود التنصيرية التبشيرية العظيمة، ما الذي جرى له بعد أن كان رئيساً للأساقفة؟! حيكت حوله المؤامرات، ونفذت الكنيسة في أثناء سفره خارج بلاده حرق منزله، ومات في هذا الحريق توءمان من أبنائه، ثم بعد فترة أعيد إحراق منزله، وتعرض للقتل ثلاث مرات، وهو يقول في آخر كل هذه المعاناة: أنا أشعر براحة واطمئنان لأنني أستشعر الآن أن الله معي.

ألا يدلنا ذلك على الحقيقة العظيمة في قوة هذا الدين، وأنه الحق والفطرة والعقل والرشد والهداية؟ ألا يكشف لنا ذلك كم من أمثال هؤلاء من لم تتيسر له الأسباب، وقصرت جهود المسلمين وعجزت عن أن تقول لهم كلمات، أو أن تقدم لهم صفحات، أو أن تسمعهم بعض الآيات؛ ليكون هذا القدر اليسير كافياً في بيان الحق لهم، وإنارة الطريق أمامهم! ونزيد قصة أخرى من بلد أفريقي ثالث، يقول هذا الرجل: خدمت المسيحية بكل ما أستطيع، وتدرجت في السلم الكنسي حتى وصلت إلى المراتب العليا في الكنيسة، وكنت محباً للقراءة والاطلاع، ولا يقع في يدي كتاب متعلق بالإنجيل إلا قرأته، ثم قرأت في كتاب إنجيلي محاربة للإسلام، ووجدت فيه: هل الإسلام دين سماوي أم لا؟ إنهم يشككون في أن الإسلام دين من عند الله أو لا، فينكرون كتابه، وينكرون رسوله، وينكرون وحيه، قال: فقادني ذلك إلى البحث، وبدأت أنقب: هل الإسلام دين سماوي أو لا؟ حتى أسلمت وكتبت دراستي عن إسلامي وأسبابها، وكشفت التناقضات التي وقفت عليها من خلال البحث العلمي في التوراة والإنجيل، وما يدور في تلك الكنائس، وأخرجت دراستي هذه ونشرتها، وبينت حقيقة المعلومات الخاطئة المحرفة في الكتب الإنجيلية عن الإسلام، وحينئذ وقعت له ما وقعت من الأمور، وقد دعا إلى الإسلام، وأدخل في دين الله الحق نحواً من مائتي نفس.

وهكذا سنجد العجائب ونرى الآثار، ولو مضينا لوجدنا أكثر من هذا، لكننا نقول: إذا كان الحق بذاته يقنع، وإذا كان النور بطبيعته يضيء، فما بالنا لا نقدم الحق، ولا نأخذ النور لنوصله إلى الناس؟! خذوا هذه القصة العجيبة، وقد رأيت أصحابها الذين لامسوها وعايشوها.

مدرسة إسلامية أقامها بعض الغيورين من الدعاة في بعض المناطق التي بيوتها من الطين، وأهلها في غاية الفقر، ولهم أصول مسلمة، لكنهم مضيعون لإسلامهم، هذه المدرسة تضم مائتين وخمسين طفلاً في المرحلة الابتدائية، عندما بدأت المدرسة كانوا يسألون الطلاب في أول الدوام في الساعة الثامنة: هل صليتم الفجر؟ فلم يكن أحدهم يعرف الفجر، ولا يعرف أن أهله أو أسرته تصلي، فكانوا يعلمونهم الوضوء، ويصلون بهم جماعة في هذا الوقت المتأخر كل يوم، فكانت المدرسة برنامجها يبدأ كل يوم صباحي بالوضوء وأداء صلاة الفجر؛ لغرض التعليم والتنبيه، وبعد ذلك وبأيام وأسابيع يسألون: من أدى الفجر؟ فإذا بخمسة أو عشرة قد بدءوا يصلون ويعرفون من التعليم، ليست هذه هي القصة، كان بجوار هذه المدرسة سكن رجل رأى هذه المدرسة، وبعد فترة من الزمن وهو مجاور لها يراقبها ذهب بابنه وقال: أريد أن يكون ابني طالباً في مدرستكم، لماذا؟ قال: لأني رأيتكم تحرصون على النظافة والناحية الصحية، وتقومون بأمور رياضية تليق وتصح أبدان الأطفال، ثم رأيت انتظام المدرسة وجوها التربوي العام؛ وهو لا يعرف شيئاً عن هذا، وعندما أرادوا تسجيل ابنه وسألوه عن اسمه واسم ابنه، وجدوا أنه قسيس نصراني، وعندما قالوا له: هذه مدرسة إسلامية! قال: أريد ابني أن يتعلم فيها؛ لأني أرى فيها من الخير ومن النظام والانتظام ما أشعر أن فيه الخير، وسجل ابنه -وهو مسيحي نصراني- في مدرسة إسلامية؛ لأن النصرانية لا تعني لهم شيئاً في حقيقة الأمر، ولا تعني اعتقاداً راسخاً ولا يقيناً جازماً، وإنما هي بعض الضلال وبعض الأعمال التي أساسها الخدمات والإعانات، ونحو ذلك.