[لزوم الأخذ بالأعمال الصالحة حسب الأولوية]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم ونهج نهجهم إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من تقوى الله سبحانه وتعالى كثرة الطاعات، واستدامة الدعوات، والحرص على الاستقامة في الأحوال.
ولعلي -أيها الإخوة الأحبة- أؤكد أننا نحتاج إلى مثل هذه المعاني والأصول والقواعد والأركان والفرائض، وأن نكون صرحاء مع أنفسنا، فلسنا في غنى عن التذكير بهذا والتواصي به، بل نحن في حاجة إلى التقريع عليه والتوبيخ على التقصير فيه، وفي حاجة إلى أن نحزم الأمر ولو بشيء من الشدة والغلظة؛ حتى نؤدي هذه الواجبات، ونقوم بتلك الأركان.
وليس هذا هو الأمر العملي الذي نتحدث عنه فحسب، فإن الذي ذكرناه الآن إنما هو الدائرة الأولى في ذات نفسك، ولنا دوائر من بعد: دائرة الدعوة والتربية والإصلاح لعموم الأمة، ودائرة رابعة مهمة، وهي: دائرة الوقاية والمقاومة لأعداء الله.
وينبغي أن نأخذ الأمور أولاً فأول، فإذا عجزنا عن الأصول فنحن في الفروع أعجز، وإذا تركنا الواجبات فنحن للتطوعات أترك وهكذا، ولئن كنا نريد لأنفسنا الخير فلنكن على أهبة الاستعداد لنصارح أنفسنا بواقعنا؛ حتى لا يقال: إنه قد كان منا ما كان، ونحن نطلب النهايات ولم نأت بالبدايات، ونرجو النتائج ولم نعمل بالمقدمات، ونريد المسببات ولم نأخذ بالأسباب، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يبصرنا بعيوب أنفسنا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.
اللهم اهدنا، واهد بنا، واجعلنا هداة مهديين.
اللهم لا تفتنا، ولا تفتن بنا، وإن قضيت فتنة فاقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين.
اللهم إنا نسألك أن ترينا الحق حقاً وأن ترزقنا اتباعه، وأن ترينا الباطل باطلاً وأن ترزقنا اجتنابه، وأن تهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، وأن تخرجنا من الظلمات إلى النور.
اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم اجعلنا عباداً لك مخلصين، وجنداً في سبيلك مجاهدين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك إخلاصاً في القول والعمل، وأن تجنبنا الفتنة والزلل، وأن تغفر لنا ما مضى وما هو آت، وأن توفقنا للطاعات، وأن تجنبنا المعاصي والسيئات.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بالصليبيين المعتدين، اللهم عليك باليهود الغاصبين، اللهم عليك بهم وبحلفائهم أجمعين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم رد كيدهم في نحورهم، وقنا اللهم من شرورهم.
اللهم اجعل الدائرة عليهم، واقذف الرعب في قلوبهم، واجعل الخلف في صفوفهم، اللهم لا تبلغهم غاية، ولا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم، أنزل اللهم عليهم سخطك، وأحل بهم نقمتك، واشدد عليهم وطأتك، وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار.
اللهم إنهم قد أفسدوا في البلاد، اللهم إنهم قد طغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، اللهم فسلط عليهم سوط عذاب، وكن لهم يا ربنا بالمرصاد، اللهم شردهم كل مشرد، ومزقهم كل ممزق، واجعلهم لمن خلفهم آية وعبرة يا رب العالمين.
اللهم لا تجعل لهم في ديار الإسلام قراراً، اللهم لا تجعل لهم فيها أمناً ولا استقراراً، اللهم لا تجعل لهم فيها نصراً ولا عزاً ولا استكباراً، اللهم اجعلها عليهم ذلاً وعاراً، وأشعلها عليهم ناراً يا ذا الجلال والإكرام يا رب العالمين.
اللهم الطف بعبادك المؤمنين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم آمن روعاتهم، وسكن لوعاتهم، وأقل عثراتهم، وامسح عبراتهم، وفرج همومهم، ونفس كروبهم، وعجل فرجهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم، وزد إيمانهم، وعظم يقينهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا ولهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا سميع الدعاء.
اللهم اجعلنا أوثق خلقك بك، واجعلنا أفقر الفقراء إليك، وأغنى الأغنياء بك، ولا تجعل لنا إلى سواك حاجة.
اللهم إنه لا حول ولا قوة لنا إلا بك، اللهم فأمدنا بحولك وقوتك وعزتك ونصرك وتأييدك يا رب العالمين.
اللهم أفرغ في قلوبنا الصبر واليقين، وثبت أقدامنا في مواجهة المعتدين.
اللهم وحد صفوفنا، وألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا.
اللهم اجمعنا دائماً على الحق والهدى والتقى يا رب العالمين.
اللهم اجعل هذا البلد مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، وأصلح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير وتحثه عليه يا سميع الدعاء! اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم وحد كلمتهم، وثبت خطواتهم، وقو شوكتهم، وسدد رميتهم، وأعل رايتهم، وانصرهم على أعداء الإسلام والمسلمين يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك أن تحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن تجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:٥٦]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
وأقم الصلاة! إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.