وفوق ذلك كله أيضاً باب عظيم من أبواب الجنة مرتبط بالصوم وخاص به، وذلك في الدعوة المستجابة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة:(ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يفتح الله لها أبواب السماء ويقول: لأنصرنك ولو بعد حين)، رواه الإمام أحمد والترمذي بسند حسن، وفي حديث عبد الله بن عمرو:(إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد).
فهذه دعوة مقبولة مجابة بنص حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ونحن أهل إيمان ويقين بأن ما أخبر به عليه الصلاة والسلام هو كما أخبر به.
وخذ ما يبشرك ويجعلك لا تنسى حظك من الدعاء والفوز بالجنة في شهر الصوم، وإدراك هذه الفضيلة، تأمل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من رواية أنس عنه عليه الصلاة والسلام قال:(ما سأل الله أحد الجنة ثلاثاً إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثاً إلا قالت النار: اللهم أجره مني)، رواه أحمد وابن ماجة وابن حبان في صحيحه.
أفلا نكثر من الدعاء بدخول الجنة والنجاة من النار؟ وفوق ذلك أيضاً خذوا من هذا الباب مزيداً من الفضل، وهي دعوات خاصة بك أيها الصائم في بعض أحوالك، تدعو بها الملائكة المقربون الذين:{لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦]، والذين:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء:٢٠].
هذا حديث أم عمارة الأنصارية:(جاء إليها النبي صلى الله عليه وسلم فقدمت له طعاماً، فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا، أو ربما قال: حتى يشبعوا).
وفي رواية:(الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلت عليه الملائكة)، رواه الترمذي بسند صحيح.
ملائكة الله تدعو لك وتستغفر، ودعاء الملائكة وما أدراك ما دعاء الملائكة؟ هذه كلها بشريات خير تدلنا على أن هذه الشعيرة عظيمة، وأن هذا الزمان أعظم مواسم الجنة التي تقربنا إليها وتدنينا منها، وتيسر لنا سلوك الطريق المفضية إليها، وتجعلنا بإذن الله عز وجل في أحسن الأحوال التي نكون فيها أقرب من ربنا، وأكثر ما نكون استحقاقاً لرحمته وفضله وجوده وكرمه بالعتق والنجاة من النيران، والدخول إلى الجنة والنعيم المقيم فيها.