للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الولاية في الإسلام لا تعطى لمن يطلبها]

وهنا -أيضاً- رسائل أخرى تبين لنا عظمة ديننا من جهة، وتبين لنا ما ينبغي أن نكون عليه من جهة أخرى، وهي أن الولاية في الإسلام -كما هو معلوم- لا تعطى لمن يطلبها، ولا ينبغي أن يستشرف لها من ليس أهلاً لها؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال بصريح حديثه: (إنا لا نعطي هذا الأمر من سأله) وقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث أبي ذر المشهور: (يا أبا ذر! إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها).

فليست المسألة أن نسارع إلى أمر نظنه هيناً، إنها أمانة عظيمة، ومسئولية جسيمة ومهمة دقيقة، ومن أخلص فيها كانت له عبادة جليلة، ومن فرط فيها وأساء وأفسد ربما كانت له سمة ذميمة وإثماً عظيماً، نسأل الله عز وجل السلامة.

ومن هنا نجد التوجيهات النبوية في هذا الشأن وهي تدلنا على أمور كثيرة مهمة، منها: ما الذي ينبغي لمن يقوم بمهمة أو يتولى مسئولية؟ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (اللهم! من ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارفق به) وهذا يدلنا على الواجب المطلوب لكل مسئول من أعلى مسئول إلى أدنى مسئول، وأنه إنما هو أجير وخادم للناس وراع لمصالحهم، وفي الحديث: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وجاء -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ولي من أمر المسلمين شيئاً فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلم أن في المسلمين من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) رواه الحاكم في مستدركه وصححه، وسكت عنه الذهبي.

إذاً فالمسألة دين وأمانة، نسأل الله عز وجل أن يعيننا في كل أمورنا أن نقصد وجه الله وأن نتابع شرع الله، وأن نقتفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نجتهد في إصابة الحق، وأن نتناصح به وبالصبر.