ننتقل إلى أمر ثالث، وهو معرفة سنن الله سبحانه وتعالى.
فلا ينبغي أن يدب اليأس إلى النفوس بحال من الأحوال إذا تعلقت القلوب بالله وإذا عرفت سنته الماضية، قال عز وجل:{وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[آل عمران:١٤٠] فليس هناك لأمة الإسلام هزيمة ماحقة ولا استئصال تام أبداً قطعاً ويقيناً، فقد قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي دعا به لربه ومولاه أن لا يستأصل أمته بسنة بعامة، ثم كذلك الشرط مربوط بمشروطه، وذلك في قوله عز وجل:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}[محمد:٧]، وقوله سبحانه:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:٨٣]، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس:٨١]، وقوله:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}[الرعد:١٧].
فنحن نستطيع أن نغير وجه الدنيا كلها، ونستطيع أن نقيم أعلام ديننا وننشر راياته في شرق الأرض وغربها، ونستطيع أن نواجه كل الأعداء مهما بلغت قواهم إذا أخذنا بهذه السنن، قال عز وجل:{وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}[فاطر:٤٣] وقال سبحانه: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:٦٢] إنها مسألة مهمة تجعلنا أقوى ارتباطاً بديننا، وأشد تمسكاً به، وأعظم يقيناً بنصره وعزه وانتشاره، قال صلى الله عليه وسلم:(لا تقوم الساعة حتى لا يكون بيت شجر ولا حجر ولا مدر إلا ودخله الإسلام، بعز عزيز أو بذل ذليل) ذلك هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم:٤٧] وهذه مسألة مهمة في قوة ديننا ويقيننا بديننا بإذن الله سبحانه وتعالى.